في محاولةٍ لقضاء حاجة الناس لبعض المال بشكلٍ عاجل، أقترح عليهم أن يبيعوني شيئاً من أغراضهم الخاصة على أن يسترجعوها كما هي وقت ما شاءوا بإعادة شرائها مني مرةً أخرى، هكذا يحصل الجميع على سيولة نقدية عاجلة، وأحصل أنا لقاء خِدمتي على الفرق بين سعري البيع وإعادة الشراء.
فهل هذه المعاملة حلال من الناحية الشرعية، علماً أني آخذ فرقاً بسيطاً في السعر، ولا يتم ذلك إلا بعد أخذ موافقة ورضى الطرف الآخر؟
الحمد لله.
بيع السلعة على أن البائع متى ما جاء بالثمن أخذها، له صورتان:
1-أن يأخذها بمثل ما باعها به، وهذا يسمى بيع الأمانة، وبيع الوفاء، وهو بيع محرم؛ لأنه حيلة على الربا، وهو إقراض المال إلى أجل، بزيادة ربوية، وهي الانتفاع بالمبيع مدة الأجل.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوص (بيع الوفاء): "بعد الاستماع للمناقشات التي دارت حول بيع الوفاء وحقيقته: "بيع المال، بشرط أن البائع متى رد الثمن، يرد المشتري إليه المبيع" قرر ما يلي:
أولا: إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعا) فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء.
ثانيا: يرى المجمع أن هذا العقد غير جائز شرعا" انتهى من مجلة المجمع (ع 7، ج 3 ص 9).
قال في "مطالب أولي النهى" (3/ 4): " (وقال الشيخ) تقي الدين: (بيع الأمانة المضمونة) على القابض: هو (اتفاقهما) ; أي المتعاقدين (على أن البائع إذا جاء المشتريَ بالثمن أعاد عليه) ; أي على البائع (ملكه) المأخوذ منه (ينتفع به)؛ أي: بالبيع (مشترٍ؛ بإجارة وسكن ونحوه) ; كركوب ما يُركب، وحلب ما يُحْلب.
(وهو) – عقد البيع على هذه الكيفية – : (باطل بكل حال، ومقصودهما) ; أي: المتبايعين (إنما هو الربا، بإعطاء دراهم بدراهم لأجل، ومنفعةُ الدار: ربح) ; فهو في المعنى: قرض، بعوض. والواجب ردُّ المَبيع إلى البائع، ورد البائع إلى المشتري ما قبضه منه ثمنا عن المبيع. لكن يحسب للبائع منه ما قبضه المشتري من المال الذي سمَّيا أجرة. وإن كان المشتري هو الذي سكن ; حسب عليه أجرة المثل ; فتحصل المقاصة بقدره، ويرد الفضل " انتهى.
2-أن يشتريها بثمن أزيد مما باعها به، والشراء مشروط في البيع الأول: فهو محرم، وهو ربا كذلك، وحقيقته أنك أقرضت مالا لصاحب السلعة، وانتفعت بها، أو لم تنتفع بها، لكن ستأخذ – بكل حال- نفعا آخر، وهو الزيادة في الثمن، مع عودة السلعة إلى صاحبها، فهو مال بمال أزيد منه، والسلعة حيلة.
وتحريم بيع الوفاء ينطبق على هذه الصورة، بل هي أولى بالتحريم منه.
والبيع الحقيقي: يراد للدوام، فلا يؤقت، ولا يُعلَّق.
فإن حصل ذلك من غير شرط بينهما، ولا جريان عرف لأحدهما به، كأن يبيع لك السلعة، ثم يأتي بعد زمن فيجدها، فيشتريها بحسب سعرها في السوق: فلا حرج؛ لعدم ما يمنع ذلك.
والحاصل:
أن ما تريد اقتراحه محرم، وهو حيلة على الربا.
والله أعلم.