عندما أكون في وسيلة المواصلات مثل الباص أو الاتوبيس او سيارة الأجرة يقوم السائق بتشغيل الأغاني والموسيقى بصوت عالٍ، فأقوم بوضع السماعات والاستماع إلى القرآن لكي يغطي على صوت الأغاني، فهل يجوز أم يعتبر عدم احترام لكلام الله تعالى؟
الحمد لله.
سماع القرآن من خلال وضع السماعة على أذنيك، لتجنب سماع الأغاني: أمر محمود، ما دمت تميز سماعك للقرآن، ولا يتداخل معه صوت الأغاني.
فعن نافع مولى ابن عمر قال: "سمعَ ابنُ عُمرَ مِزمارًا فوضعَ أصبُعَيْهِ في أذُنَيْهِ، وَنَأَى عَن الطَّريقِ وقالَ لي: يا نافعُ هل تسمَعُ شَيئًا ؟ قلتُ: لا، فرَفعَ أصبُعَيْهِ مِن أذُنَيْهِ وقالَ: كُنتُ معَ النَّبيِّ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – وسمعَ مثلَ هذا وصنعَ مِثلَ هذا" رواه أحمد (4535) وصححه الألباني. في "تحريم آلات الطرب" (ص:116).
فوضع السماعة لتجنب سماع الأغاني أمر فيه اتباع، واقتفاء لسنن الصالحين، ودفع للمنكر عن نفسك، بما أمكنك.
وكونك تسمع القرآن وصوت الأغاني قائم في الخارج لا يضر، مادام أنّ الأصوات لا تتداخل عليك، وتشوش سماعك للقرآن، حتى لا تدري ما تسمع.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، واصحابه، يطوفون بالكعبة، ويصلون في المسجد الحرام، وفيه أصنام المشركين، وهم يعبدونها؛ لما لم يكن يمكنه إزالتها؛ والحرام لا يحرم الحلال!
أما إذا كان يفتح صوت القرآن للناس من غير سماعة تخصه؛ فقد كره العلماء تداخل أصوات القرآن مع غيره من الأصوات الصارفة عن استماعه، أو ما يتداخل معه ولا يميز سماعه، وعدوا ذلك من عدم توقير القرآن.
جاء في "غاية المنتهى" (1/ 207):
«وكرهها -أي قراءة القرآن- ابن عقيل بأسواق ينادى فيها ببيع. وحرم رفع صوت بها مع اشتغالهم بتجارة وعدم استماعهم له لما فيه من الامتهان" انتهى.
وهذا الصورة المذكورة هنا، تأتي في محل سؤالك: إذا كان صوتا من مسجل ونحوه، يفتح للناس، وتختلط قراءة القرآن، بالأصوات حوله، بحيث لا يميز القراءة، ولا يلتفت إليها أحد.
وإن نفذت أصوات الأغاني، أو الضجيج من حولك، من خلال السماعة الخاصة بك، حتى لم تعد تميز تلاوة القرآن، وصوت القارئ؛ فادفع عنك الأذى من حولك بغير القرآن، كالأناشيد التي ليس فيها موسيقى، أو مادة مسموعة أخرى، تسمع شيئا، ويفوتك شيء؛ ولا بأس.
والله أعلم.