أنا أدرس الآن ، وتكون بعض الأيام شاقةً ، وأمضي وقتًا طويلًا في المعهد . وأتساءل : هل يجوز أن أفطر ، وأن أصلي المغرب في المعهد ، أم أؤخره حتى أصل للبيت ؟ أنا أنهي دراستي قبل دقائق من المغرب ، وأصل بيتي بعد ذلك بنصف ساعة .
إن أنا صليت في المعهد ، فسأفقد وسيلة المواصلات إلى بيتي ، وسأتأخر نتيجة لذلك عن البيت .
فبماذا تنصحوني والحال ما ذكر ؟.
الحمد لله.
المبادرة إلى أداء الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال عند الله سبحانه وتعالى .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . رواه البخاري (527) ومسلم (85)
قال النووي رحمه الله :
" وفي هذا الحديث : الحث على المحافظة على الصلاة في وقتها , ويمكن أن يؤخذ منه استحبابها في أول الوقت ; لكونه احتياطًا لها , ومبادرةً إلى تحصيلها في وقتها " انتهى .
"شرح مسلم" (2/265) .
وعَنْ أُمِّ فَرْوَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا . رواه أبو داود (426) وصححه الألباني .
وقال الإمام أحمد رحمه الله :
" أول الوقت أعجب إِلَيَّ إلا في صلاتين ، صلاة العشاء وصلاة الظهر يبرد بها في الحر " انتهى .
"المغني" (1/398) .
كما أن المبادرة إلى تعجيل الفطور مستحبة أيضًا ، وقد جاء في ذلك عدة أحاديث منها :
ما رواه البخاري (1957) ومسلم (1098) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ) .
وانظر جواب السؤال رقم (50019) ، (13999) .
وبهذا يتبين لك – أخي السائل – أن المستحب والمندوب في حقك المبادرة إلى الإفطار وصلاة المغرب في المعهد .
ولكن ذلك يبقى في دائرة المندوب ، فإن شق عليك ، وخشيت أن تنقطع عنك المواصلات أو تتأخر في الوصول للبيت ، فلا حرج عليك إذا أخرت الصلاة لتؤديها في المنزل ، بشرط أن يغلب على ظنك الوصول قبل أذان العشاء ، ويمكنك أن تفطر على تمرات تحملها معك في طريقك .
أما إذا كان سؤالك عن الإفطار في رمضان بسبب مشقة العمل ، فقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (43772) .
وفقك الله لما يحب ويرضى ، وشكر الله لك هذا الحرص على طاعته .
والله أعلم .