الحمد لله.
إذا ملك الإنسان نصابا من مال ، ذهبٍ أو فضة ، أو نقود مدخرة من راتبه أو غيره ، ومرَّت عليه سنة هجرية كاملة فإنه تلزمه زكاته ، وذلك بأن يخرج ربع العشر منه 2,5% ، والنصاب هو ما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة .
ولمعرفة كيف يزكى الراتب ، راجع السؤال رقم (26113) .
وأما إذا لم تجب الزكاة على الموظف الذي يتقاضى راتبا شهريا ، لكونه لم تمر سنة هجرية كاملة على ملكه للنصاب ، فليس هناك نسبة محددة من الراتب يلزمه التصدق بها ، إلا أنه ينبغي ألا يحرم نفسه من ثواب الصدقة ، فيتصدق بما تيسر له ، قال الله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/261 وقال تعالى : ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) البقرة/271، وقال تعالى : ( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) الحديد/18 . إلى غير ذلك من الآيات الواردة في فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلا الطَّيِّبَ ـ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ) رواه البخاري (1410) ومسلم (1014) .
و(الفلو) هو الفرس الصغير ( المهر ) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أحد أبواب الجنة الثمانية باب الصدقة ، وأنه يدخل منه من كان من أهل الصدقة . رواه البخاري (1897) ومسلم (1027) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ) رواه البخاري (1426) ومسلم (1034) .
ومعناه أن " أَفْضَل الصَّدَقَة مَا بَقِيَ صَاحِبهَا بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا بِمَا بَقِيَ مَعَهُ , وَتَقْدِيره : أَفْضَل الصَّدَقَة مَا أَبْقَتْ بَعْدهَا غِنًى يَعْتَمِدُهُ صَاحِبهَا وَيَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى مَصَالِحه وَحَوَائِجه , وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَل الصَّدَقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَاله ; لأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ يَنْدَم غَالِبًا أَوْ قَدْ يَنْدَم إِذَا اِحْتَاجَ , وَيَوَدّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّق , بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا فَإِنَّهُ لا يَنْدَم عَلَيْهَا , بَلْ يُسَرُّ بِهَا ... ( وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول ) فِيهِ تَقْدِيم نَفَقَة نَفْسه وَعِيَاله " انتهى من "شرح النووي على مسلم" .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية ; لقول الله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم , ويكفر عنكم من سيئاتكم ) ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله .... وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها , حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) متفق عليه .
ويستحب الإكثار منها في أوقات الحاجات , لقول الله تعالى : ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) أي : مجاعة شديدة .
وفي شهر رمضان ; لأن الحسنات تضاعف فيه , ولأن فيه إعانة على أداء الصوم المفروض . ومن فطر صائما كان له مثل أجره .
وتستحب الصدقة على ذي القرابة ; لقول الله تعالى : ( يتيما ذا مقربة ) أي جمع الوصفين : اليتم والقرابة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة على المسكين صدقة , وهي على ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة ) . وهذا حديث حسن .
وتستحب الصدقة على من اشتدت حاجته , لقول الله تعالى : ( أو مسكينا ذا متربة ) أي : ليس بيده شيء إلا التراب ، والمعنى أنه فقير جداً .
" انتهى من "المغني" (2/368) باختصار وتصرف .
وراجع السؤال رقم (6266) ، ورقم (22881)
والله أعلم .