الحمد لله.
بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر ، لقول الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/14،15 .
فأمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك - أمر أن يصاحبهما في الدنيا معروفا .
وطاعة الوالدين واجبة على الولد فيما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على الولد ، أما ما لا منفعة لهما فيه ، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه طاعتهما حينئذ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الاختيارات " ( ص 114) : ( ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه منفعة لهما ، ولا ضرر عليه ) انتهى .
وأما هجرك لها فلا ينبغي ، فإنها أمك وحقها عليك عظيم ، ويمكنك مواصلتها عن طريق الهاتف ، أو زيارتها بين الحين والآخر ، وتحتسب ما يصيبك منها في هذه الزيارة من السب والشتم ونحو ذلك ، كل ذلك تبتغي بذلك مرضاة الله .
ولكن تقليلا للشر والضرر الحاصل عليك من زيارتها يمكنك مباعدة ما بين الزيارتين ، ولكن تتعاهدها بالهاتف إن أمكن أو السؤال عن أحوالها فربما تحتاج إليك أو تقع في ضائقة ما .
فإذا فعلت ذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى من تقليل زيارتها ولا تكون عاقا لها ، لأنها - وهي صاحبة الحق في بِرِّك لها – لا تريد منك زيارتها ، ولا تطالبك بذلك .
وأنت لم تقلل من زيارتها إلا اجتنابا لما يلحقك من الضرر منها .
وللفائدة ينظر جواب السؤالين رقم (2621) ، ( 3044) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير ، وأن يهدي والداتك ، ويصلح أحوالكم .
والله تعالى أعلم .