الحمد لله.
بيَّن الله تعالى مصارف الزكاة بقوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
وقد سبق بيان هؤلاء في جواب السؤال رقم ( 6977 ) ، وبيَّنا أن مصرف " في سبيل الله " هو في الجهاد في سبيل الله ، وألحق بعض العلماء الحج لحديث ورد في ذلك .
قال ابن كثير رحمه الله :
وأما ( في سبيل الله ) فمنهم الغزاة الذين لا حقّ لهم في الديوان ، وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق والحج من سبيل الله للحديث .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 367 ) .
وبيَّنا في جواب السؤال رقم ( 7853 ) جواز دفع الزكاة لأهل الشيشان .
وليعلم أن قوله تعالى ( في سبيل الله ) ليست عامة في كل وجوه الخير ، بل هي في الجهاد في سبيل الله .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
فأما تخصيصه بالجهاد في سبيل الله فلا شك فيه ، خلافاً لمن قال : إن المراد في سبيل الله كل عمل برٍ وخير ، فهو على هذا التفسير كل ما أريد به وجه الله ، فيشمل بناء المساجد ، وإصلاح الطرق ، وبناء المدارس ، وطبع الكتب ، وغير ذلك مما يقرب إلى الله عزّ وجل ؛ لأن ما يوصل إلى الله من أعمال البر لا حصر له .
ولكن هذا القول ضعيف ؛ لأننا لو فسرنا الآية بهذا المعنى لم يكن للحصر فائدة إطلاقاً ، والحصر هو : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ...) التوبة/ 60 الآية ، وهذا وجه لفظي .
أما الوجه المعنوي فلو جعلنا الآية عامة في كل ما يقرب إلى الله عزّ وجل لحرم من الزكاة من تيقن أنه من أهلها ؛ لأن الناس إذا علموا أن زكاتهم إذا بني بها مسجد أجزأت بادروا إليه لبقاء نفعه إلى يوم القيامة .
فالصواب : أنها خاصة بالجهاد في سبيل الله .
وأما قول المؤلف إنهم الغزاة ، وتخصيصه بالغزاة ، ففيه نظر .
والصواب : أنه يشمل الغزاة وأسلحتهم ، وكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله ، حتى الأدلاء الذين يدلون على مواقع الجهاد لهم نصيب من الزكاة ؛ لأن الله قال : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ولم يقل : للمجاهدين ، فدل على أن المراد : كل ما يتعلق بالجهاد ؛ لأن ذلك من الجهاد في سبيل الله .
وهل يجوز أن يُشترى من الزكاة أسلحة للقتال في سبيل الله ؟
على رأي المؤلف : لا يجوز، وإنما تعطى المجاهد .
وعلى القول الصحيح : يجوز أن يُشترى بها أسلحة يقاتل بها في سبيل الله ، لا سيما وأنه معطوف على مجرور بـ " في " الدالة على الظرفية دون التمليك ، بل هي نفسها مجرورة بـ " في " ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .
وعلى هذا فيكون القول الراجح : أن قوله : ( َفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يعم الغزاة وما يحتاجون إليه من سلاح وغيره .
" الشرح الممتع " ( 6 / 241 ، 242 ) .
والله أعلم .