الحمد لله.
ما قام به المسلمون من جهادٍ للاستعمار الفرنسي البغيض أمر جليل ، ونسأل الله أن يرحم من قُتل منهم ، وأن يتقبلهم من الشهداء .
وكلُّ من شارك في هذا الجهاد من المسلمين فإنه يستحق الثناء ، وما تفعله الدولة من تكريمهم أو تكريم أبنائهم فهو من واجباتها تجاه هؤلاء الأبطال ، وهم الذين يستحقون التكريم دون اللاعبين والممثلين والمغنين ممن تتسابق الدول – وللأسف – إلى تكريمهم وإغراقهم بالهدايا والعطايا .
وعليه : فليس هذا من أكل الأموال بالباطل ، بل هو من واجبات الدولة ، وعلى الدولة – كذلك – أن تهتم بالفقراء والمحتاجين ، فتعطيهم وتكرمهم وتؤمن لهم العمل والرزق ، فإن قصَّرت فلا يعني هذا تحريم ما يأخذه المجاهدون أو أولادهم منها .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أعطاه الحاكم أو الدولة مالاً من غير سؤال منه ولا تطلع إليه ، أَمَرَه بأخذه .
فإن كان محتاجا أنفقه على نفسه وأهله وانتفع به ، وإن كان غنيا نفع إخوانه الفقراء والمحتاجين وتصدق عليهم ، فيكون قد نفع إخوانه ونفع نفسه بثواب الصدقة .
روى البخاري (7164) ومسلم (1045) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَطَاءَ (يعني : المال) ، فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ : أَعْطِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خُذْهُ ، فَتَمَوَّلْهُ ، أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ ) .
وعلى هذا ؛ فهؤلاء المسئول عنهم يأخذون هذه الأموال ، فإن كانوا في حاجة إليها ، انتفعوا بها ، وأنفقوا منها على أنفسهم وأهليهم ، وإن كانوا أغنياء ، لا حاجة لهم فيها ، فإنهم يتصدقون بها ، وتكون زاداً لهم إلى الآخرة ، مع ما فيها من منفعةٍ لإخوانهم المحتاجين .
والله أعلم .