حكم حضور الاجتماعات في مبنى تابع للكنيسة
كنا نذهب إلى المسجد لإعطاء درس أو موعظة للأخوات ، ولكن من مدة انقطعنا من الجلسة لأسباب كثيرة يصعب ذكرها ، من ضمنها عدم التزام الأخوات بالمواعيد والحضور إلى المسجد .
في هذه الفترة سمعنا أنه يوجد لقاء أخوات مسلمات وغير مسلمات كل يوم اثنين لمبنى تابع للكنيسة ، والمكان خاص للنساء فقط ، فقلنا احتمال نلاقي ترحيباً أو استجابة منهم كي ندعوهم إلى الله ، ولكن يوجد من يقول لا يجوز أن نذهب إلى هذا المكان ، والسبب هو أنه تابع للكنيسة ، فهل نكون آثمين لو ذهبنا إليهم بنية الدعوة ؟ .
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
بداية نسأل الله تعالى أن يجزيكم خيراً على جهودكم الطيبة ، وعلى حرصكم على إقامة
حِلَق العلم في بلاد يقل فيها الخير ويكثر فيها الشر ، ونسأله سبحانه أن يوفقكم
ويسدد خطاكم .
يبدو لنا أن هناك عدة محاذير تترتب على ذهابكم إلى اجتماعات المبنى التابع للكنيسة
، ومن ذلك :
1. أن فيه إحياءً لهذه الأماكن التي يُشرك فيها بالله ، ويعلَّمُ فيها الشرك من
تثليث ، وادعاء الولد لله ، وادعاء الألوهية لغيره .
2. كما أن فيه تغريراً بعامة الناس وجهالهم ، وذلك حين يرون أهل الخير والصلاح
محافظين على الذهاب لتلك الجلسات والتجمعات في الكنائس ومبانيها ، فيظنون أنها
يُقال فيها الحق ، والخير ، والهدى ، وسيكون في حضورهم مطمع عظيم للمنصرين الذين
سيتلقفونهم بكل ترحيب وإكرام .
3. في اعتياد الذهاب إلى الكنيسة خطر على قلوب المرتادين – ولو كانوا من أهل الخير
والعلم – فإنهم سيتأثرون – ولو بعد فترة – بحسن معاملة القائمين على هذه الأماكن ،
وحسن عرضهم لما يؤمنون به ، وقد لا يتيسر للمسلم الوقت الكافي لبحث كل ما يطرحونه
من فكر واعتقاد ، فيبدأ قلبه يتشرب رويداً رويداً دين النصرانية ، حتى يغدو في حيرة
من أمره ، وأقل ما قد يبلغ به الحال أن لا يرى تلك الديانة على بطلان ظاهر ، وهذه
بداية الضلال .
4. ولا شك – أيضاً - أن الالتزام بحضور تلك الجلسات والتجمعات فيه هجر لبيوت الله
وحلَق العلم التي ينبغي أن تملأ حياة المسلمين ومجتمعاتهم ، وتأملي كم سيكون نجاح
القائمين على الكنائس حين تهدمون منائر الحق والهدى والنور ، ثم تنتقلون إلى أماكن
الشرك ودعوة الباطل ، فهم أسعد الناس حين يرون اختفاء حلَق العلم والقرآن ، وظهور
اجتماعاتهم ولقاءاتهم لتكون منابر لهم في بث أفكارهم وسمومهم .
5. ثم ماذا سيقال في هذه الندوات ؟
إنهم لن يهدوكم إلى حق ، وقد ضلوا عنه .
فبالنظر إلى هذه المحاذير يظهر - والله تعالى أعلم - حرمة ذهابكم إلى تلك الأماكن ،
ووجوب المحافظة على دروس الخير في بيوت الله تعالى مهما كانت الظروف ، وبالمصابرة
تنجح حلقات العلم الشرعي ، وكم من دروس توقفت بسبب قلة الحضور ثم جعل الله فيها
البركة بعد ذلك .
وإن كانت لديك القدرة لتوجيه دعوة الحق لحملة الديانة النصرانية ، فلا حرج عليك أن
تذهبي إليهم لدعوتهم إلى الله ، على أن يكون هذا الذهاب خاصاً بك وبمن يستطيع
القيام بهذه المهمة ، ولا يذهب من هو قليل العلم حتى لا يتأثر بما يراه ويسمعه في
هذه الجلسات .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"يجوز أن نجتمع بالكافرين في مجامع عامة أسستها الدولة وقامت بتنظيمها للمناظرات
والندوات العلمية وإلقاء المحاضرات في الشؤون الدينية ، على أن يقوم من حضر من
علماء المسلمين ببيان عقائد الإسلام وأركانه وآدابه ، ويدفع ما يثيره من حضر من أهل
الأديان الأخرى من شبهات حول الإسلام ، ويفند مقالاتهم التي يشوهون بها الإسلام ...
إلى غير ذلك مما فيه نصر للحق ودفاع عنه .
أما من يُخشى عليه من الفتنة في دينه لجهله أو ضعف استعداده وتفكيره أو لقلة
معلوماته عن دينه من المسلمين : فلا يجوز له الحضور في هذه المجامع وأمثالها ؛
حفظًا له من الفتن ، وخوفًا عليه أن تداخله الريب والشكوك" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 100 ) .