هل تجوز الشفاعة لزميله إذا غش في الامتحان وألغيت المادة له ؟
زميل لنا في الدفعة غير مسلم ، وغش في أحد الامتحانات ، وعاقبه الدكتور بإلغاء المادة .. هل يجوز لنا مساعدته في ذلك الموقف واسترحام الدكتور ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
الغش في الامتحانات محرم كغيره من أنواع الغش .
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : ما حكم غش الطلبة في اختبارات المدارس ؟
فأجابت : " حديث : ( من غشنا فليس منا ) صحيح ، وهو عام يشمل الغش في البيع والشراء
، وفي النصيحة وفي العهود والمواثيق ، وفي الأمانة وفي اختبار المدارس والمعاهد ،
ونحوها ، سواء كان نقلاً من الكتب أم أخذاً عن التلاميذ أم إعطاء لهم كلاماً أم عن
طريق الكتابة وتناقلها بينهم " انتهى من "فتاوى
اللجنة الدائمة" (12/200).
ثانيا :
يشرع معاقبة الغاش وتأديبه وتعزيره بما تراه الجامعة مناسبا ، كحرمانه من إكمال
الامتحان أو إلغاء المادة ؛ سدا لهذا الباب المحرم الذي ينشأ عنه الضعف والتخلف
وتقديم من لا يستحق التقديم وإسناد الأمر لغير أهله .
وعلى هذا لا ينبغي لكم أن تشفعوا لهذا الطالب عند الدكتور ، بل لعله يستفيد من هذا
العقاب ولا يعود لمثل ذلك مرة أخرى ، ويستفيد غيره أيضاً . ولكن إذا كان هذا الطالب
لم يغش شيئاً ، وإنما كانت مجرد محاولة ، ولم يكن ذلك من عادته ، وظهرت عليه أمارات
الندم والعزم على عدم العودة لمثل ذلك في المستقبل ، فلا حرج من شفاعتكم له عند
الدكتور ليرفع عنه العقاب .
ثالثاً :
وأما كون هذا الطالب غير مسلم فلا يمنع الشفاعة له في الأصل ، فد ثبت أن أم هانئ
بنت أبي طالب أجارت : ( أي : جعلت في أمانها وحماها ) رجلاً كافراً يوم فتح مكة
حتى لا يقتل ، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قد أجرنا من
أجرت يا أم هانئ ) رواه البخاري (3171)
ومسلم (336) .
وهذا شفاعة لها في هذا الرجل الكافر حتى لا يقتل ، وأقرها النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وكذلك أجار عثمان بن عفان رضي الله عنه رجلاً كان قد ارتد ثم جاء تائباً مسلماً
فأجاره الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رواه أبو داود (4358) وصححه الألباني في صحيح أبي داود
.
وهذا مما يبين سماحة الإسلام ، وحرص أهله على الخير والنفع لعامة الناس ، مما يحرك
قلوبهم للتفكر في هذا الدين الحق ، ويرغبهم فيه ، وهذا هو الهدف الذي ينطلق منه
المسلم في إحسانه للكافر وصلته له ، أن يشرح الله صدره للإسلام ، وأن ينقذه من
ظلمات الكفر والشرك .
ولا يخفى أن هذا الإحسان لا يقتضي المودة والمحبة والولاء ، فإن ذلك لا يجوز مع
الكافر ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ ) المائدة/51،
وقال : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ
مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ
وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ
حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
المجادلة/22.
والله أعلم .