تبرُّ حماتها أكثر من برِّها لأمها !
هل أؤجر على برِّي بحماتي ؟
وهل قد يعفو الله عني عدم برى بأمي كما ينبغي أن يكون البر ، إذا كنت بارة بحماتي ؟ .
الجواب
الحمد لله.
شرع الله تعالى أعدلَ الأحكام وأحسنها ، وفيها سعادة الفرد والأسرة والمجتمع ، وقد
شرع لذلك حقوقاً وواجبات على كل فرد في المجتمع لتتم الحياة ويعرف كلٌّ ما له وما
عليه .
وحقوق الزوج على زوجته عظيمة في نفسه وماله وبيته وأهله ، فاحترام أهل الزوج وخاصة
أبويه من احترام الزوج وحسن عشرته ، والمرأة عندما تقوم بواجبات زوجها فهي إنما
تطيع ربها وترجو ثوابه .
وبرُّكِ بحماتك أمرٌ تُشكرين عليه ، ولا يمكن لأحدٍ أن يُنكر عليكِ ، بل إن ما
تفعلينه موافق للشرع والعقل ، وأنتِ بذلك تكسبين رضى زوجكِ ، وتساهمين في إنجاح
علاقتك الزوجية ، وتخلينها مما يمكن أن يسوءها .
ولكن على المرء أن لا يطيع ربه في جانب وينسى الجوانب الأخرى ، فلا يجوز أن يكون
برُّكِ بحماتك على حساب برِّك بأمك ؛ فإن للوالدين - وخاصة الأم - على أولادهم
حقوقاً كبيرة ، وانظري في ذلك جواب ( 5053
) ففيه تفصيل لحق الأم على أولادها .
فيجب عليكِ برُّ أمَّكِ والإحسان إليها حتى ولو كانت كافرة ، على قدر طاقتك وما
تسمح به ظروف حياتك ؛ بل لو دعتك إلى الكفر وجاهدت نفسها في سبيل ذلك ، كما قال
ربنا تبارك وتعالى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ
جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا )
العنكبوت/8
، وقال : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ
تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان/15
، فكيف يكون حقها عليكِ إن كانت مسلمة
موحِّدة ؟ .
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : وهي راغبة
أفأصل أمي ؟ قال : " نعم ، صِلي أمك " .
رواه البخاري ( 2477 ) ومسلم ( 1003 ) .
ومعنى راغبة : أي : تطلب بر ابنتها لها .
فاجمعي بين الخيريْن ، وبرِّي أمكِ وحماتك ، وإذا تعارض الأمران فلا تقدِّمي على
أمكِ حماتك ولا غيرها من النساء ، لكن بشرط ألا تفسدي ما بينك وبين زوجك .
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن يجعلك من الصالحات القانتات .
وانظري جواب الأسئلة ( 22782 ) و (
5326 ) .
والله أعلم