الحمد لله.
نعم ، يجوز لمن عليه دين أن يؤم الناس في الصلاة ، إذا كان صالحا للإمامة ؛ لعدم الدليل على منع أو كراهة إمامة المدين ، إلا إذا كان مدينا مماطلا ، يستطيع سداد الدين ، لكنه يؤخره ويتهرب ويراوغ ، فإنه محكوم بفسقه ، وفي إمامة الفاسق خلاف .
والدليل على تحريم المطل : قوله صلى الله عليه وسلم : ( لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ) رواه النسائي (4689) وأبوداود (3628) وابن ماجه (2427) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
واللي : هو الامتناع والمماطلة في سداد الدين ، والمقصود بحل عرضه : أن يقال: مطلني فلان ، أو يا ظالم يا معتدي ، وعقوبته : حبسه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287) ومسلم (1564) .
قال الشوكاني رحمه الله : " وقد اختلف هل المطل مع الغنى كبيرة أم لا ؟ وقد ذهب الجمهور إلى أنه موجب للفسق واختلفوا هل يفسق بمرة أو يشترط التكرار ؟ وهل يعتبر الطلب من المستحق أم لا ؟ " انتهى من "نيل الأوطار" (5/282).
وممن عده من الكبائر : ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر " (1/414).
ومن الفقهاء من نص على أن المماطل ترد شهادته ، كما في "الشرح الكبير على متن خليل" (4/181)
ثانيا :
سبق في جواب السؤال رقم (13465) بيان اختلاف العلماء في صحة إمامة الفاسق ، غير أنهم اتفقوا على كراهة الصلاة خلفه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق ، لكن اختلفوا في صحتها فقيل : لا تصح ، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما . وقيل : بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي والرواية الأخرى عنهما ، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/309).
والحاصل : أن الرجل إذا كان فقيراً ليس عنده ما يقضي به الدَّين فلا يقدح ذلك في دينه ولا عدالته ولا يصح أن يكون ذلك سبباً لمنعه من الإمامة في الصلاة .
أما إذا كان قادراً على سداد الدَّين ولكنه يؤخر سداده بلا عذر ويماطل فإنه لا ينبغي أن يتولى إمامة المسلمين في الصلاة .
وانظر جواب السؤال رقم (47884)
والله أعلم .