إذا انفرد الواحد من ذوي الأرحام أخذ جميع التركة
لي قريبة عجوز ليس لديها سوى وريث وحيد وهو ابن أختها الشقيقة الوحيدة المتوفاة وذلك بعد إحصاء الورثة ، وهي بذلك تريد أن تعرف نصيبه من الإرث وهل يجوز أن تكتب باقي التركة لشخص قامت بتربيته حيث إنها ليس لديها أولاد ؟
الجواب
الحمد لله.
ابن الأخت الشقيقة ، من ذوي الأرحام ، وقد اختلف العلماء في توريثهم ، والصحيح
أنهم يرثون إذا لم يوجد أحد من أصحاب الفروض أو العصبة .
وممن ذهب إلى توريثهم : علي وابن مسعود وابن عباس في أشهر الروايات عنه , ومعاذ
بن جبل وأبو الدرداء وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم ، وهو قول الحنفية
والإمام أحمد , ومتأخري المالكية والشافعية.
ينظر : "الموسوعة الفقهية" (3/54).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وقد اختلف العلماء رحمهم الله في توريث
ذوي الأرحام ، ولكن القول الراجح المتعين أن توريثهم واجب ؛ لأن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( الخالة بمنزلة الأم ) ، وقال أيضا : ( الخال وارث من لا وارث
له ) ، ولقول الله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ).
والقول بعدم التوريث قول ضعيف ، فكيف نحرم الخال أو أبا الأم من مال القريب ثم
نضعه في بيت المال ليأكله أبعد الناس ؟!
مثل هذا لا تأتي به الشريعة ، فالصواب المقطوع به أن ذوي الأرحام وارثون ، لكن
بعد أن لا يكون ذو فرض أو عاصب " انتهى
من "الشرح الممتع" (5/73).
وأما كيفية توريث ذوي الأرحام ، فإنه ينزل الموجود منهم منزلة من أدلى به ،
ويأخذ نصيبه من التركة ، ففي الحالة المذكورة في السؤال ، ينزل ابن الأخت منزلة
الأخت ، ويأخذ نصيبها ، وهو النصف ، ثم يرد إليه باقي التركة ، فيأخذ التركة
كلها ، لأنه لا يوجد وارث غيره .
قال في "كشاف القناع" (4/456) : " فإن انفرد واحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله
، لأنه ينزّل منزلة من أدلى به , فإما أن يدلي بعصبة فيأخذه تعصيبا ، أو بذي
فرض فيأخذه فرضا وردا " .
وانظر : "الموسوعة الفقهية" (3/54).
وبناء على ذلك ، فإذا ماتت هذه المرأة ، ولم يكن لها وارث غير ابن أختها ، فإنه
يأخذ جميع التركة .
ولها أن توصي بما لا يزيد عن الثلث لذلك الشخص الذي ربته ، أو لغيره ؛ لما روى
البخاري (5659) ومسلم (1628) أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال للنبي صلى
الله عليه وسلم : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا ، وَإِنِّي لَمْ
أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً ، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ
الثُّلُثَ ؟ فَقَالَ : لَا . قال : فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ
؟ قَالَ : لَا . قال : فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ ؟
قَالَ : الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ).
فأجاز له الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوصي بثلث ماله ، وقد اتفق العلماء على
أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث .
انظر : "المغني" (8/404) .
والله أعلم .