الحمد لله.
الجهل بالحكم الشرعي عذر عند الله سبحانه وتعالى ، فقد رحم الله هذه الأمة وخفف عنها ، فرفع عنها الإثم في حالات الجهل والنسيان والإكراه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) قَالَ : دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا . قَالَ : فَأَلْقَى اللَّهُ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ . رواه مسلم (126).
وقد نص أهل العلم على أن من فعل المحرم جاهلا فلا شيء عليه.
قال النووي في "شرح مسلم" (3/204) :
" فإن كان ناسيا أو جاهلا بوجود الحيض ، أو جاهلا بتحريمه ، أو مكرها : فلا إثم عليه ولا كفارة ، وإن وطئها عامدا ، عالما بالحيض والتحريم ، مختارا ، فقد ارتكب معصية كبيرة ، نص الشافعي على أنها كبيرة ، وتجب عليه التوبة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "الشرح الممتع" (1/571) :
" ولا تجب الكفَّارة – على من جامع زوجته وهي حائض - إلا بثلاثة شروط :
1 ـ أن يكون عالماً .
2 ـ أن يكون ذاكراً .
3 ـ أن يكون مختاراً .
فإن كان جاهلاً للتّحريم ، أو الحيضِ ، أو ناسياً ، أو أُكرهت المرأةُ ، أو حَصَلَ الحيضُ في أثناء الجماع ، فلا كفَّارة ، ولا إثم " انتهى .
وبما أنك – أخي السائل – لم تكن تعرف تحريم جماع الحائض فلا إثم عليك إن شاء الله ، ولا كفارة.
إلا أن الواجب على كل مسلم السعي في التفقه في الدين ، وتعلم أحكام الشريعة وأخلاقها وآدابها ، وخاصة ما تمس إليه الحاجة من أمور العبادات وأحكام النكاح والبيوع وما يحتاج إليه في يومه وليلته ، ولا ينتظر حتى إذا قام بالفعل وانتهى ذهب ليسأل أو اعتذر بالجهل وعدم العلم ، فإن من يقصر في طلب العلم الشرعي الضروري يخشى عليه من الإثم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) رواه ابن ماجه (224) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
والله أعلم .