حكم صلاة المأموم إذا سلم قبل إمامه
إذا سلم المأموم قبل الإمام سهوا أو عمدا ما الحكم؟
الجواب
الحمد لله.
إذا سلم المأموم قبل إمامه : فإن كان عمدا بلا عذر بطلت صلاته . وإن كان سهوا ،
لزمه أن يرجع إلى الصلاة ويسلم بعد تسليم إمامه ، فإن لم يفعل بطلت صلاته .
قال في "كشاف القناع" (1/465) : " وإن سلم قبله عمدا بلا عذر تبطل ; لأنه ترك فرض
المتابعة متعمدا ، ولا تبطل إن سلم قبل إمامه سهوا , فيعيده ، أي : السلام بعد سلام
إمامه ; لأنه لا يخرج من صلاته قبل إمامه ، وإن لم يعده بعده بطلت صلاته ; لأنه ترك
فرض المتابعة أيضا " انتهى بتصرف .
وأما من تعمد السلام قبل الإمام لعذر ، فلا تبطل صلاته ، ويحسن هنا أن نذكر شيئا من
الأعذار التي تبيح للمأموم أن ينفرد عن أمامه وأن يسلم قبله :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مثال العُذْر: تطويل الإمام تطويلاً زائداً على
السُّنَّة ، فإنه يجوز للمأموم أن ينفرد ، ودليل ذلك: قصَّة الرَّجُل الذي صَلَّى
مع معاذ ، وكان معاذ يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاءَ ، ثم يرجع إلى
قومه فيُصلِّي بهم تلك الصَّلاة ، فدخل ذات ليلة في الصَّلاة فابتدأ سُورةً طويلة
(البقرة) فانفرد رَجُلٌ وصَلَّى وحده ، فلما عَلِمَ به معاذ قال : إنه قد نافق ،
يعني : حيث خرج عن جماعة المسلمين ، ولكن الرَّجُل شكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : (أتريدُ أنْ تكون فتَّاناً يا
مُعَاذُ) ولم يوبِّخِ الرَّجُلَ ، فَدلَّ هذا على جواز انفراد المأموم ؛ لتطويل
الإمام ، لكن بشرط أن يكون تطويلاً خارجاً عن السُّنَّة ؛ لا خارجاً عن العادة .
ولذلك لو أمَّ رَجُلٌ جماعةً؛ وكان إمامُهم الرَّاتب يُصلِّي بهم بقراءة قصيرة
ورُكوع وسُجود خفيفين ؛ فصلَّى بهم هذا بقراءة ورُكوعٍ وسُجودٍ على مقتضى السُّنَّة
، فإنه لا يجوز لأحد أن ينفرد ؛ لأن هذا ليس بعذر .
ومن الأعذار أيضا ً: أن يطرأ على الإنسان قَيْئٌ في أثناء الصَّلاة ؛ لا يستطيع أن
يبقى حتى يكمل الإمام؛ فيخفِّف في الصَّلاة وينصرف .
ومن الأعذار أيضاً : أن يطرأ على الإنسان غازاتٌ (رياح في بطنه) يَشُقُّ عليه أن
يبقى مع إمامه ، فينفرد ويخفِّف وينصرف.
ومن الأعذار أيضاً : أن يطرأ عليه احتباسُ البول أو الغائط ، فيُحصر ببول أو غائط.
لكن إذا قُدِّرَ أنه لا يستفيد من مفارقة الإمام شيئاً؛ لأن الإمام يخفِّف، ولو
خفَّف أكثر من تخفيف الإمام لم تحصُل الطُّمأنينة فلا يجوز أن ينفردَ ؛ لأنه لا
يستفيد شيئاً بهذا الانفراد.
ومن الأعذار أيضاً : أن تكون صلاة المأموم أقلَّ من صلاة الإمام ، مثل : أن يُصلِّي
المغرب خلف من يصلِّي العشاء على القول بالجواز ؛ فإنه في هذه الحال له أن ينفرد
ويقرأ التشهد ويُسَلِّمَ وينصرف ، أو يدخل مع الإمام إذا كان يريد أن يجمع مع
الإمام فيما بقي من صلاة العشاء ، ثم يُتمُّ بعد سلامه . وهذا القولُ رواية عن
الإمام أحمد رحمه الله ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الحقُّ
، ونوعُ العُذر هنا عُذر شرعيّ ؛ لأنَّه لو قام مع الإمام في الرَّابعة لبطلت
صلاتُه " انتهى من "الشرح الممتع" (2/311).
والله أعلم .