في قريتي تصلى صلاة الظهر قبل نصف ساعة من دخول وقت صلاة العصر ما هو الأفضل أن أصلي مع الجماعة أو أن أصلي في أول وقت الظهر?
الحمد لله.
أولاً :
أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها ، كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسارعا إلى أداء الصلاة في أول وقتها، وهكذا كان صحابته الكرام رضي الله عنهم ، امتثالا لأمر الله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) البقرة/48 ، وقوله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران/133 .
فعليك بمناصحة أهل قريتك حتى يصلوا الصلاة في أول وقتها ، كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
وتأخير الصلاة إلى هذا الحد قد يؤدي إلى تضييعها .
إلا إذا كان هناك عذر لهذا التأخير كشغل أو شدة حر ، فلا بأس بذلك ، فقد جاءت السنة بتأخير صلاة الظهر عند شدة الحر ، وهو ما يسمى بـ " الإبراد " وانظر لمعرفة حكمه جواب السؤال رقم (39818) .
ثانياً :
أما عن المفاضلة بين الصلاة في أول وقتها منفرداً ، والصلاة في آخر وقتها جماعة ، فقد اختلف العلماء في ذلك .
فذهب بعضهم إلى تقديم فضيلة الوقت على فضيلة الجماعة .
وذهب بعضهم إلى أن تأخير الصلاة لتحصيل فضيلة الجماعة أفضل من الإتيان بها منفرداً في أول وقتها.
وذهب بعضهم إلى استحباب صلاتها مرتين ، لتحصيل الفضيلتين .
قال الحطاب في "مواهب الجليل" (1/404): " الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَذًّا ( أي : منفرداً ) أَفْضَلُ مِنْهَا فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِي جَمَاعَةٍ " ثم نقل ذلك عن الإمام مالك رحمه الله .
وقال النووي في المجموع (2/303): " الَّذِي نَخْتَارُهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلِّي مَرَّتَيْنِ : مَرَّةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ , وَمَرَّةً فِي آخِرِهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَتِهَا , فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ - فَإِنْ تَيَقَّنَ حُصُولَ الْجَمَاعَةِ آخِرَ الْوَقْتِ - فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ لِتَحْصِيلِ شِعَارِهَا الظَّاهِرِ ; وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي مَذْهَبِنَا وَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى وَجْهٍ لَنَا , وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا , وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَطَائِفَةٍ , فَفِي تَحْصِيلِهَا خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ , وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إنْ فَحُشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ , وَإِنْ خَفَّ فَالِانْتِظَارُ أَفْضَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى.
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (1/457): " وَتُقَدَّمُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ ; لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ , وَأَوَّلُ الْوَقْتِ سُنَّةٌ ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ وَاجِبٍ وَمَسْنُونٍ " انتهى.
والذي يظهر من هذا –والله أعلم- : أن الالتزام بجماعة المسلمين أولى من الصلاة منفرداً لما هو معلوم من فضل الصلاة في جماعة، وحرصا على إقامة هذه الشعيرة ، ولأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة واجبة .
إلا إذا شق عليك الانتظار إلى هذا الوقت ، فلا حرج عليك من الصلاة في أول الوقت منفرداً ، إذا لم تجد أحدا تصلي معه في جماعة .
والله أعلم.