هل يجوز أن يكفن الرجل في قميص ؟
الحمد لله.
الأفضل أن لا يكفن الرجل في قميص ، بل يكفن في ثلاثة أثواب ، يلف فيها لفاًّ ، كما فُعل برسول الله صلى الله عليه وسلم .
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ ) رواه البخاري ( 1264) ومسلم (941 ) .
الكُرْسُف هُوَ الْقُطْن .
قال ابن حزم : ” ما تخير الله تعالى لنبيه إلا أفضل الأحوال ” انتهى .
“المحلى” ( 5/118) .
فالأفضل أن لا يكفن الرجل في قميص , وإن كان تكفينه في القميص جائزاً .
قال النووي : لا يكره تكفين الميت في القميص لحديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ , جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ , وَصَلِّ عَلَيْهِ ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ , فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ , فَقَالَ : آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ ، فَآذَنَهُ , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ ؟ فَقَالَ : أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ , قَالَ : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) فَصَلَّى عَلَيْهِ , فَنَزَلَتْ : ( وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ) رواه البخاري ( 5796) .
وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ , فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ , فَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا قَالَ سُفْيَانُ : وَقَالَ أَبُو هَارُونَ يَحْيَى : وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَانِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلْبِسْ أَبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ .
قَالَ سُفْيَانُ : فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ . رواه البخاري (1270) .
وقد ترجم له البيهقي في “السنن الكبرى” (3/564) بقوله : ” باب جواز التكفين في القميص وإن كنا نختار ما اختير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ” انتهى .
وسبب تكفينه صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي في قميصه :
قيل : لتطييب قلب ابنه . قال النووي : وهو أظهر .
وقيل : لأنه كان قد كسا العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوباً حين أسر يوم بدر , فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم ثوباً بدله لئلا يبقى لكافر عنده فضل .
وقيل : فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم إجابة لسؤال ابنه حين سأله ذلك .
انظر : “المجموع” (5/152) ، “المغني” (3/384) .
وقال بعض العلماء بكراهة التكفين في القميص .
قال النووي : ” وهذا ضعيف بل باطل من جهة الدليل , لأن المكروه ما ثبت فيه نهي مقصود , ولم يثبت في هذا شيء , فالصواب أنه لا يكره , لكنه خلاف الأولى ” انتهى .
انظر : “المجموع” (5/153) , “المغني”(3/368) .
وأما المرأة ؛ فتكفن في قميص ، وانظر جواب السؤال رقم (98189) ففيه بيان صفة كفن المرأة .
والله أعلم .