رجل عقد على امرأة ، ولكنه لم يدخل بها ، فهل تلزمه زكاة الفطر لها ؟
الحمد لله.
أولاً :
اختلف العلماء رحمهم الله هل يلزم الإنسان أن يخرج زكاة الفطرة عمن ينفق عليهم على قولين:
القول الأول : أن الإنسان يلزمه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن ينفق عليهم ، كالزوجة ، والابن . وهو مذهب الحنابلة .
واستدلوا : بما رواه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ، ولكنه حديث ضعيف ، ضعفه الدارقطني والبيهقي وابن العربي والذهبي والنووي وابن حجر وغيرهم .
انظر : "المجموع" ( 6 / 113) ، و "تلخيص الحبير" ( 2 / 771) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ، فقد سئلوا : هل يلزم الزوج فطرة الزوجة التي بينه وبينها نزاع شديد أم لا ؟
فأجابوا : " زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة ، لوجوب نفقتها عليه " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" ( 9 / 367) .
واختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، كما في "مجموع الفتاوى" ( 14/197) .
القول الثاني : أنه لا يلزمه أن يخرج زكاة الفطر عن غيره ، وهو مذهب الحنفية .
واستدلوا : بحديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ " رواه البخاري ( 1503) ، ومسلم ( 984) .
ففي الحديث : أنها واجبة على كل واحد من المسلمين ، والأصل : أن الذي يخاطب بالواجب هو الشخص نفسه .
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " الشرح الممتع " ( 6 / 154) : " فالصحيح أن زكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه ، فتجب على الزوجة بنفسها ، وعلى الأب بنفسه ، وعلى الابنة بنفسها ، ولا تجب على الشخص عمن ينفق عليه من زوجة وأقارب ، ولأن الأصل في الفرض أنه يجب على كل واحد بعينه دون غيره " انتهى بتصرف .
ثانياً :
الزوج إنما تلزمه زكاة فطرة زوجته إذا كان ينفق عليها ، ومعلوم أن النفقة على الزوجة لا يكون إلا إذا تسلم الزوج زوجته ، ومكنته من نفسها ، أما إذا كانت الزوجة لا تزال في بيت أبيها ، فإن النفقة لا تلزم الزوج ، وكذلك زكاة الفطر لا تلزمه .
وقال ابن قدامة في " المغني " ( 2 / 361 ) : " كُلُّ امْرَأَةٍ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا , كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ , وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنْ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا , فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَلَا فِطْرَتُهَا ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ يُمُوَنُ " انتهى .
وقال البهوتي رحمه الله في " كشاف القناع " ( 2 / 252) : " ولا يلزم الزوج فطرة من لا تلزمه نفقتها , كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه " انتهى بتصرف .
والله أعلم .