هل تذهب مع أمها للعمرة بلا محرم أو تبقى بمفردها في البيت
هل يجوز لفتاة في سن 26 عام أن تذهب لأداء العمرة مع والدتها وصحبة آمنة ، فليس لها محرم كأخ أو أب أو زوج ، مع العلم أنها ترغب في أداء العمرة حتى لو لم تكن واجبة عليها بسبب عدم وجود محرم ، وهي كذلك ستضطر للجلوس وحدها إذا سافرت أمها للعمرة .
الجواب
الحمد لله.
المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في
ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر
الله لها محرما يسافر معها .
وسبل الخير كثيرة ، فإذا لم يستطع المسلم فعل بعض العبادات ، فإنه يجتهد فيما
يستطيعه من العبادات حتى يوفقه الله وييسر له ما لا يستطيعه من العبادات .
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن العبد إذا عزم على فعل طاعة ولكنه لم
يستطع فعلها لعذر ، فإنه يثاب الفاعل لها روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : (
إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا
إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ
وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ) .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 11 / 90 ) : " المرأة التي لا محرم لها لا يجب
عليها الحج ؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل ، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج
، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، ولا يجوز
لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها ؛ لما رواه البخاري ومسلم عن
ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل
بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " ، فقام رجل فقال : يا
رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : " انطلِق
فحج مع امرأتك " ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب
الرأي ، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة ، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج
أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له
عليه ، قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة
له عليه " انتهى
.
وكما لا يجوز للفتاة السفر بلا محرم ، لا يجوز لوالدتها أيضا ، وعليها أن تتقي الله
تعالى ، وأن تبقى مع ابنتها ، فإن أصرت على الذهاب ، وترتب على ذلك بقاء البنت
لوحدها ، فإن كان بقاؤها في مكان آمن ، فلا إشكال ، وإن خيف عليها البقاء بمفردها ،
فلعل هذا يكون عذرا في ذهابها مع والدتها للضرورة ، والإثم على أمها .
والله أعلم .