حكم دخول دورات مياه المطاعم دون شراء للطعام
أثار أحد الأخوة قضية كنا نغفل عنها ولا نعرف رأي الشرع فيها ، وهي تتلخص بالآتي: في بعض الأحيان وفي أماكن متفرقة من العالم يحتاج بعضنا لقضاء حاجته ، ولا يكون بيته قريباً ، ولا يكون هناك دورات مياه عامة في الشوارع والأسواق أو لا تكون قريبة ، فندخل أحد المطاعم ويكون أعزكم الله في هذا المطعم ..دورة مياه ونقوم باستخدام الدورة والمياه والصابون والمناديل وبعض أجهزة تنشيف اليدين ، ثم نخرج من المطعم بدون أن نطلب طلبات أو وجبات طعام ، فقط كان المقصد هو قضاء الحاجة ، والمطاعم وفرت هذه الدورات لعملائها ولم تقم بكتابة أنه فقط للعملاء ، ولم توضح أنه لأحد معين وإذا سألتهم عن مكان دورة المياه يدلونك عليها ، وتخرج ويرونك تخرج ولا ينكرون عليك استخدامك دوراتهم . فكان السؤال هل يحل لنا ما نستخدمه من ممتلكات تلك المطاعم إذا كانوا لا يمانعون ، أو يمانعون ولا يظهرون ، أو يمانعون ويظهرون ممانعتهم ؟
الجواب
الحمد لله.
الأصل في دورات المياه الموجودة بالمطاعم أنها مخصصة لعملاء المطعم ، لكن يتسامح
أصحاب المطاعم في ذلك ، فيأذنون لمن يحتاج إلى دخولها ولو كان لن يشتري شيئا ، لكن
يجب أن يخلو تصرف من يدخل هذه الأماكن من تدليس أو خداع ، فلا يتظاهر الإنسان أنه
داخل للأكل ، بل يستأذن المسئول في دخول دورة المياه ، فإن أذن له دخل ، وإلا رجع .
وحيث حصل الإذن بالدخول ، جاز له استعمال الصابون والمناديل وجهاز التنشيف ، لدخول
ذلك بالتبع ، وإن تورع عن استعمال هذه الأشياء فهو أفضل .
وإذا عُلم أن صاحب المطعم لا يرغب في ذلك ، ويضطر للإذن حياء ، لم يجز الدخول إلا
في حال الاضطرار ، لأن ما أخذ بسيف الحياء لا يحل . قال صلى الله عليه وسلم : ( لا
يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172)
وصححه الألباني في صحيح الجامع
برقم (7662).
وينظر في تحريم ما أخذ بسيف الحياء : تحفة المحتاج (6/317).
وأما عند الضرورة فله الدخول ، وقد نص الفقهاء على حالات يجوز فيها أخذ طعام الغير
ومائه بدون إذنه عند خشية الهلاك ، ثم يغرم له ثمنه .
قال ابن قدامة في "المغني" (9/335) : " إذا اضطر , فلم يجد إلا طعاما لغيره , نظرنا
; فإن كان صاحبه مضطرا إليه , فهو أحق به , ولم يجز لأحد أخذه منه ; لأنه ساواه في
الضرورة , وانفرد بالملك , فأشبه غير حال الضرورة , وإن أخذه منه أحد فمات , لزمه
ضمانه ; لأنه قتله بغير حق . وإن لم يكن صاحبه مضطرا إليه , لزمه بذله للمضطر ;
لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم , فلزمه بذله له , كما يلزمه بذل منافعه في
إنجائه من الغرق والحريق , فإن لم يفعل فللمضطر أخذه منه ; لأنه مستحق له دون مالكه
, فجاز له أخذه , كغير ماله , فإن احتيج في ذلك إلى قتال , فله المقاتلة عليه , فإن
قتل المضطر فهو شهيد , وعلى قاتله ضمانه , وإن آل أخذه إلى قتل صاحبه , فهو هدر ;
لأنه ظالم بقتاله , فأشبه الصائل , إلا أن يمكن أخذه بشراء أو استرضاء , فليس له
المقاتلة عليه , لإمكان الوصول إليه دونها " انتهى .
والله أعلم .