الحمد لله.
الأصل في دورات المياه الموجودة بالمطاعم أنها مخصصة لعملاء المطعم ، لكن يتسامح أصحاب المطاعم في ذلك ، فيأذنون لمن يحتاج إلى دخولها ولو كان لن يشتري شيئا ، لكن يجب أن يخلو تصرف من يدخل هذه الأماكن من تدليس أو خداع ، فلا يتظاهر الإنسان أنه داخل للأكل ، بل يستأذن المسئول في دخول دورة المياه ، فإن أذن له دخل ، وإلا رجع .
وحيث حصل الإذن بالدخول ، جاز له استعمال الصابون والمناديل وجهاز التنشيف ، لدخول ذلك بالتبع ، وإن تورع عن استعمال هذه الأشياء فهو أفضل .
وإذا عُلم أن صاحب المطعم لا يرغب في ذلك ، ويضطر للإذن حياء ، لم يجز الدخول إلا في حال الاضطرار ، لأن ما أخذ بسيف الحياء لا يحل . قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الجامع
برقم (7662).
وينظر في تحريم ما أخذ بسيف الحياء : تحفة المحتاج (6/317).
وأما عند الضرورة فله الدخول ، وقد نص الفقهاء على حالات يجوز فيها أخذ طعام الغير ومائه بدون إذنه عند خشية الهلاك ، ثم يغرم له ثمنه .
قال ابن قدامة في "المغني" (9/335) : " إذا اضطر , فلم يجد إلا طعاما لغيره , نظرنا ; فإن كان صاحبه مضطرا إليه , فهو أحق به , ولم يجز لأحد أخذه منه ; لأنه ساواه في الضرورة , وانفرد بالملك , فأشبه غير حال الضرورة , وإن أخذه منه أحد فمات , لزمه ضمانه ; لأنه قتله بغير حق . وإن لم يكن صاحبه مضطرا إليه , لزمه بذله للمضطر ; لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم , فلزمه بذله له , كما يلزمه بذل منافعه في إنجائه من الغرق والحريق , فإن لم يفعل فللمضطر أخذه منه ; لأنه مستحق له دون مالكه , فجاز له أخذه , كغير ماله , فإن احتيج في ذلك إلى قتال , فله المقاتلة عليه , فإن قتل المضطر فهو شهيد , وعلى قاتله ضمانه , وإن آل أخذه إلى قتل صاحبه , فهو هدر ; لأنه ظالم بقتاله , فأشبه الصائل , إلا أن يمكن أخذه بشراء أو استرضاء , فليس له المقاتلة عليه , لإمكان الوصول إليه دونها " انتهى .
والله أعلم .
تعليق