الحمد لله.
الأصل في المرأة أن تقر في بيتها ، ويتولى قيِّمها ، والدا كان أو زوجا أو غيره ، النفقة عليها ، كما قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء /34 .
ومتى احتاجت المرأة إلى العمل بأجر ، فإنه يجوز لها أن تعمل ما يناسب طبيعتها ، متى كان منضبطا بالضوابط الشرعية ، خاليا من المفاسد والمحرمات .
وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (22397) ورقم (33710) .
وإذا فهمت أن الأصل في حال المرأة أن تقر في بيتها ، وأن القوَّام عليها وعلى البيت هو الرجل ، فليس من حقها أن تعمل المرأة عملا آخر ، حتى ولو كان داخل البيت ، فضلا أن يكون عملا وظيفيا كوظائف اليوم ، إلا أن يأذن لها الزوج .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" ولا نعلم خلافاً بين العلماء : أن المرأة لا تخرج إلى المسجد إلا بأذن زوجها ، وهو قول ابن المبارك والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم " انتهى .
"فتح الباري لابن رجب" (6/140)
فإذا كان لا يحق لها أن تخرج للصلاة إلا بإذن زوجها باتفاق العلماء، فكيف بالخروج للعمل؟!
جاء في زاد المستقنع ، وشرحه الروض المربع ، من كتب الحنابلة ، (271) :
" ولا تؤجر المرأة نفسها ، بعد عقد النكاح عليها ، بغير إذن زوجها ؛ لتفويت حق الزوج".
ومن الواضح مما سبق أن للزوج الحق في منع امرأته من الخروج للعمل ، وهذا واضح ، لكن هذا إذا لم تكن قد اشترطت عليه أن تعمل بعد الزواج ، أو علم هو من حالها أنها ستعمل بعد الزوج ، كأن تكون موظفة ، ورضي بذلك أو سكت ، فليس له أن يمنعها بعد النكاح .
قال في "الروض المربع" ـ (365) ـ :
" وله منعها من إجارة نفسها ، لأنه يفوت بها حقه ؛ فلا تصح إجارتها نفسها إلا بإذنه . وإن أجرت نفسها قبل النكاح صحت ولزمت " .
وإذا كان من حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل ، والسائلة الكريمة تفهم ذلك ، كما يبدو لنا ، فمن حقه أن يريح نفسه من عناء المشكلات والمخاصمات ، ويشترط ألا يتزوج زوجة من شأنها أن تعمل ، وأن يختار امرأة لا تعمل ، لتتوفر بوقتها وجهدها على رسالتها الأصلية في بيت زوجها ، وتربية أبنائها .
ومن حقك ـ أيضا ـ ألا تقبلي الزوج الذي سيمنعك من العمل الذي ترين أنه مفيد لك ، وللناس ، ونرجو من الله تعالى أن يأجرك على هذه النية الصالحة التي أشرتِ إليها في سؤالك ، ونزيدك ـ أيضا ـ أننا لا نظن أن أمر الخطاب كلهم على ما تذكرين ، أنهم يشترطون على الزوجة ألا تعمل العمل الذي تذكرينه .
فإذا قدر ذلك ، أو تأخر عنك الخاطب الكفء لأجل عملك هذا ، فإننا نسألك سؤالا مهما هنا :
هل من العقل والحكمة أن تبقي هكذا ، وتفوتي على نفسك الخاطب الكفء ، والزوج المناسب ، الذي يبالغ في إكرامك وصيانتك ، وردك إلى وظيفتك الطبيعية في البيت من أجل ما ذكرت من تطبيب النساء ؟!
هل من المعقول أن يضر المسلم بنفسه ، لأمر ليس واجبا عليه ، حتى وإن كان محمودا في حد ذاته . مع أن الأعمال الطبية للمرأة لا تكاد تخلو من شيء من المخالفات الشرعية ، والاختلاط المحرم ، خاصة إذا احتاجت أن تخرج أيضا للوظيفة ، أو تكمل دراستها العالية ؛ فأنى لها ألا تختلط بالرجال في دارستها ، أو عملها ؟!
وخلاصة ما ننصحك به هنا :
أن تقدمي واجبك الشرعي ، من المحافظة على دينك ونفسك ، ومصلحتك الشرعية في القرار في بيتك ، والانشغال بزوجك وأولادك ؛ فإن تيسر لك الزواج الذي تجمعين فيه بين ما تطمعين فيه من مصلحة علاج النساء , وحفظهن عن الحاجة إلى الأطباء الرجال : فبها ونعمت ، وإن لم يتيسر لك ذلك : فقدمي مصلحتك الشرعية والاجتماعية في الزواج المبكر ؛ واحذري ـ يا أمة الله ـ أن يطول انتظارك ، لغائب لا تدرين متى يجيء ؛ فقط عليك بالزوج صاحب الدين ، المناسب لك ولحالك . وأما بنات المسلمين ، والمريضات المسلمات ، فييسر الله لهن من يسد حاجتهن ، ويقوم بطبهن .
نسأل الله أن ييسر لك أمرك ، ويشرح صدرك .
والله أعلم .