الحمد لله.
تقدم في الجواب رقم (21979)أن التطوع بالصوم مطلق ومقيد ، وأن المقيد على أنواع ، فمنه المقيد بزمن كالاثنين والخميس ، وثلاثة أيام من كل شهر ، ومنه المقيد بحال الشخص ، كالشاب الذي لم يستطع الزواج كما في حديث عَبْد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5066) ومسلم (1400) فإن مشروعية الصيام في حقه تتأكد مادام أعزب ، ويزداد التأكد كلما ازدادت المثيرات له ، من غير تحديد بأيام معينة .
والأفضل له أن يصوم يوما ويفطر يوما ، كصوم داود عليه السلام ، فإنه أفضل الصوم .
روى البخاري (1976) ومسلم (1159) أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بن العاص قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَقُولُ : وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ . فَقُلْتُ لَهُ : قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي !! قَالَ : ( فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ؛ فَصُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ ) . قُلْتُ : إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : ( فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ ) قُلْتُ : إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : ( فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا ، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ ) . فَقُلْتُ : إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ) .
وأما الصوم جميع الأيام - غير يومي عيد الفطر وعيد الأضحى وأيام التشريق - فهذا يسمى صوم الدهر ، وقد اختلف العلماء فيه ، فمنهم من كرهه ، ومنهم من حرمه ، ومنهم من استحبه ، والراجح أنه مكروه ، وينظر : سؤال رقم(144592).
والله أعلم .