الحمد لله.
السنة أن يؤذن المؤذن للصلاة ويقيم قائما ، وعلى هذا جرى عمل الناس من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، ومن أذّن جالسا أو أقام جالسا لغير عذر فقد أساء وخالف السنة.
وهذا أمر متفق عليه بين العلماء ولا خلاف فيه .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (6/11) :
" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمُقِيمِ الصَّلاَةِ أَنْ يُقِيمَ وَاقِفًا . وَتُكْرَهُ الإِْقَامَةُ قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلاَ بَأْسَ ... كَمَا تُكْرَهُ إِقَامَةُ الْمَاشِي وَالرَّاكِبِ فِي السَّفَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ" انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (15/264) أيضا :
" أَدَاءُ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ جَالِسًا :
- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ جَالِسًا إِلاَّ لِعُذْرٍ ، أَوْ إِذَا كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ ، لأَِمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلاَلاً بِالْقِيَامِ بِقَوْلِهِ : قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ .
وَكَانَ مُؤَذِّنُو رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُونَ قِيَامًا ، وَلأَِنَّ الْقِيَامَ أَبْلَغُ فِي الإِْعْلاَمِ ، كَمَا أَنَّ الأَْذَانَ وَالإِْقَامَةَ قَاعِدًا خِلاَفُ الْمُتَوَارَثِ .
وَقَال ابْنُ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ : إِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا بَطَل ، وَكَذَلِكَ قَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِلَى عَدَمِ إِجْزَاءِ أَذَانِ الْقَاعِدِ ، وَحَكَى أَبُو الْبَقَاءِ : أَنَّهُ يُعِيدُ إِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا .
وَأَمَّا صَاحِبُ الْعُذْرِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ جَالِسًا ، قَال الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ : رَأَيْتُ أَبَا زَيْدٍ صَاحِبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ رِجْلُهُ أُصِيبَتْ فِي سَبِيل اللَّهِ يُؤَذِّنُ قَاعِدًا "
انتهى .
والسنة أن لا يمشي وهو يقيم ، وأن يقيم في الموضع الذي سيصلي فيه ، حتى لا يكون هناك فاصل بين الإقامة والدخول في الصلاة ، ولأن الإقامة هي إعلام بالقيام إلى الصلاة ، فيكون دخوله في الصلاة بعد الإقامة مباشرة .
قال عبد الله بن الإمام أحمد في " مسائله " ( 61 / 220 ) : " قلت لأبي : الرجل يمشي في الإقامة ؟ قال : أحب إلي أن يقيم مكانه " انتهى .
وقال إسحاق بن راهويه : " وأما المؤذن إذا أخذ في الإقامة وهو إمام ، فليس له أن يمشي في الإقامة حتى يفرغ منها ، وما يرجو من فضل الدخول في الصلاة إذا أسرع أدرك فضل ذلك في الثبوت في الموضع الذي يقيم حتى يفرغ من الإقامة " انتهى .
"مسائل الإمام أحمد وإسحاق" (2 / 836).
والله أعلم .