حكم من قدَّم ضماناً بنكيّاً لشركة مقابل نسبة ، وحكم عمولة الساعي بينهما ؟
يوجد شركة أجنبية تريد جلب معدات مشاريع للسعودية ، ومطلوب عليهم " ضمان بنكي " بمبلغ 50 مليون ريال ، وجمعت بين وسيط الشركة الأجنبية ومستمثر لبناني في السعودية ليقوم اللبناني برفع " ضمان بنكي " للشركة من " البنك الأهلي " من رصيده لدى البنك ويبقى المبلغ في البنك ، علماً أن اللبناني قد اشترط على الشركة نسبة مايقارب 10 إلى 12 بالمئة من المبلغ المقدم لهم بالضمان ، وسيقدم لنا المستمثر اللبناني مبلغاً في حدود 700 ألف ريال عمولة للسعاة .
السؤال:
هل السعي في هذه المسألة جائز أم لا ويعتبر مالاً حراماً - ربا - ؟ وإذا قبضته وصرفته في تسديد ديون مهلكة عليَّ هل يجوز أم لا ؟ وإذا أصبح ربا أرجو إفادتي في ماذا أصرفه بحيث لا يدخل في ذمتي كأموال حرام ، وإن استخدمت المبلغ بصفة مؤقته ومن ثم أخرجته من ذمتي .
شاكراً إجابتكم
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
ما فعله ذلك المستثمر من تقديم ضمان للشركة الأجنبية عن طريق بنك ربوي ، مقابل نسبة
مئوية من مبلغ الضمان : فعل محرَّم ؛ فالكفالة عقد إرفاق لا يجوز أن يأخذ مقابلها
أجرة ، وفي حال استحقاق شيء من مبلغ الضمان للشركة المورِّدة فسيكون هذا من باب "
القرض الذي جرَّ منفعة " إذ سيرجع المستثمر على الشركة الأجنبية لاستيفاء المبلغ
المخصوم من مبلغ الضمان ، وستكون النسبة التي أخذها هي المنفعة مقابل ذلك القرض .
فلهذين السببين يحرم أخذ مال مقابل الضمان المالي .
قال الشيخ عمر المترك رحمه الله :
ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز أخذ جُعل [أجرة] على الضمان ، وقد عللوا هذا المنع
بسببين:
1. أنه في حالة عدم وفاء المضمون عنه بالالتزام تجاه الطرف الثالث : يكون الضامن
ملزماً بأداء الدَّيْن بحكم هذا الضمان ، وإذا أداه : وجب له على المضمون عنه
المبلغ الذي أداه فصار الضمان كالقرض ، فإذا أخذ عِوضاً : صار القرض جارّاً للمنفعة
.
2. أن الضمان معروفٌ ، وموضوعه : الإرفاق ، فإذا شرط الضامن لنفسه حقّاً : خرج عن
موضوعه ، فمنع صحته ، قال في " الشرح الكبير " للدردير : " وأما صريح ضمان بِجُعْل
: فلا خلاف في منعه ؛ لأن الشارع جعل الضمان والجاه والقرض لا تفعل إلا لله ، فأخذ
العِوض عليها سحت " .
وقال في موضع آخر - معلِّلاً بطلان الضمان بجُعل - : " لأن الضامن إذا غرم الحق
للطالب : رجع على المدين بمثل ما غرم مع زيادة ما أخذه من الجُعل ، وهذا لا يجوز ؛
لأنه سلف بزيادة ، وإن لم يغرم بأن أدى الغريم : كان أخذه الجُعل باطلاً " .
" الربا والمعاملات المصرفية " ( ص 387 ، 388 ) ونقل عن أئمة المذاهب الأربعة ما
يؤيد المنع .
ولينظر جواب السؤال رقم : (1822) فقيه قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة
المؤتمر الإسلامي حول " خطاب الضمان " .
فتبين مما سبق : حرمة أخذ مال – مقطوعاً أو نسبة - مقابل الضمان البنكي .
فعلى هذا ، فالذي فعله ذلك المستثمر حرام ، والنسبة التي أخذها من الشركة سحت ، وما
دُفع لكم من مبلغ " سعي " أو " عمولة " : لا يحل لكم الانتفاع به ، وعليكم التخلص
منها في توزيعها في وجوه الخير المختلفة .
ثانياً :
من اكتسب مالاً بطريق محرم وجب عليه التخلص منه ، إلا أنه إذا كان فقيراً محتاجاً ،
فله أن يأخذ منه مقدار حاجته ثم يتخلص من الباقي ، وذلك بشرط أن يكون قد تاب من هذا
العمل المحرم ، وعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (81915)
و (82595) و (78289)
.
والله أعلم