حكم الأخذ من تعويضات المتضررين من السيول مع عدم استحقاقه
يوجد توزيع مبالغ مالية من قبل وزارة المالية حسب البيانات بشيكات باسم متضرري السيول ، ويكون التسجيل حسب شيخ القبيلة ، وهذا التسجيل له أكثر من سنة ، وقد قدم والدي مع شيخ قبيلتنا ولكن لم يأت اسمه ، وجاء كل جماعتنا باستثناء البعض القليل ومنهم والدي ، فقام بالتقديم مع شيخ قبيلة أخرى على طلب هذا الشيخ ، وبعد رفع الأوراق جاءت الأسماء ومن ضمنهم أنا ووالدي ، فقام والدي باستلام الشيك الخاص به وأنا رفضت بحجة انه ليس لي فيه حق ولكن والدي أصر علي وزعل وقال أنا وأمك في حاجة الفلوس ، ويعلم الله حالهم وحاجتهم فليس لهم دخل غير الضمان الاجتماعي أو ما أرسله لهم أنا من راتبي ، فاستلمت الشيك وأنا مكره ولكن الإشكالية في الاستلام حيث تكتب عقد بأنك مستأجر مزرعة في هذا المكان أو أي مكان تكون المهم أنه عقد آجار ، وليس فيه تدقيق من لجنة الصرف ، فالصك الذي استلمت به استلم به أكثر من 50 الذين أعرفهم فكيف بمن لا أعرفهم ، واللجنة تعرف ذلك ولم ينكروا ، فما حكم المال الذي أخذته أنا ووالدي؟ حيث إنني سأصرفه وأرسله لوالداي لأنهم في حاجته وأنا حلفت أن لا يدخل علي منه ريال واحد.
الأمر الثاني فيه ناس كثير يسجل اسمه مع كل شيخ قبيلة هو وجميع عائلته وكل ما حضرت اللجنة لتسليم المواطنين يكون أول واحد ويستلم حتى أن بعضهم ادخل فوق الخمسمائة ألف فما حكمه؟
وأرجو أن توجه نصيحة لكل من أراد أن يفعل خيراً ويوزع مبالغ مالية أن لا يجبر الناس على الكذب والتحايل ، فيعلم الله أنه يوجد أناس في فقر لا يعلم به إلا الله ولم يستلم شيئاً إلا مبلغاً بسيطاً ، ومنهم من في غنى وتأتيه المبالغ الكبيرة فأين العدل، نرجو منكم فتوى شاملة لهذه القضية التي أصبحت أشد من الأضرار التي تخلفها السيول.
الجواب
الحمد لله.
هذه التعويضات تصرف للمتضررين ، ولمن تنطبق عليهم الشروط ، فمن لم تنطبق عليه شروط
الاستحقاق فلا يجوز له أن يأخذ من هذا المال شيئاً .
ومن الناس من يظن أن المال العام مباح لكل من يأخذه ، وهذا الظن خاطئ ، فلا يحل
لأحد أن يأخذ شيئاً من هذا المال إلا إذا كان مستحقاً له .
عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ رِجَالًا
يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ) رواه البخاري ( 3118) .
( يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) " أَيْ : يَتَصَرَّفُونَ فِي
مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَاطِلِ ". انتهى من "فتح الباري" ابن حجر (6/219) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وكذلك يتخوضون فيها بالدعاوى الباطلة ، كأن
يدعي ما ليس له وهو كاذب ، وما أشبه ذلك ". انتهى من "شرح رياض الصالحين" (2/538) .
وقال الصنعاني: " في الحديث دليل على أنه يحرم على من لم يستحق شيئاً من مال الله
أن يأخذه ويتملكه ، وأن ذلك من المعاصي الموجبة للنار ". انتهى من "سبل السلام" (4
/192) .
وعلى هذا ، فإذا لم تكن من المتضررين بالسيول ، فلا يحل لك أن تأخذ من هذا المال
ريالاً واحد ، ولا أن تعطي والداك منه شيئاً ، فإنك بذلك تعينهم على أكل المال
بالباطل ، ويلزمك أن ترد المال الذي أخذته للجهات المسئولة عنه .
وعلى من جعلهم الله في مقام المسئولية من اللجان المختصة التدقيق فيمن يستحق من
المتضررين وغيرهم ، فإن إعطاء من لا يستحق كحرمان من يستحق ، كلاهما من الظلم
والخيانة للأمانة.
والله أعلم