الحمد لله.
وقد تعددت الصور في " التلقيح الصناعي " والتي ساهمت
وتساهم في تضييع هاتين الضرورتين ، ومنه :
أولاً : التلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبييضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم زرع
اللقيحة في رحم زوجته.
ثانياً : التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبييضة الزوجة ، ثم زرع تلك اللقيحة في
رحم الزوجة .
ثالثاً : التلقيح الخارجي بين منيّ من الزوج وبييضة مأخوذة من الزوجة ، ثم زرع
اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها .
رابعاً : التلقيح الخارجي بين نطفة من رجل أجنبي وبييضة امرأة أجنبية وزرع اللقيحة
في رحم الزوجة .
خامساً : التلقيح الخارجي بين نطفة الزوج وبييضة من الزوجة ، ثم زرع اللقيحة في رحم
الزوجة الأخرى لهذا الزوج ، لأن له زوجتين .
وقرر " مجلس الفقه الإسلامي " المنعقد في دورة مؤتمره الثالث في " عمَّان " من 1208
صفر سنة 1407 هـ بشأن " طرق التلقيح الصناعي " :
إن الطرق الخمسة الأولى كلها محرَّمة شرعًا وممنوعة منعاً باتّاً لذاتها أو لما
يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية .
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
فإذا حملت الزوجة من مائيْن أجنبيين ، أو من بييضتها وماء أجنبي فهو : حمل سفاح
محرَّم لذاته في الشرع تحريم غاية لا وسيلة قولاً واحداً ، والإنجاب منه شر الثلاثة
فهو ولد الزنا ، وهذا ما لا نعلم فيه خلافاً بين من بحثوا هذه النازلة .
وهذا ما توجبه الفطرة السليمة ، وتشهد به العقول القويمة ، وقامت عليه دلائل
الشريعة ، وقد أبان الشيخ محمود شلتوت عن مجامع الاستدلال في هذا في " فتاويه " ( ص
328 ، 329 ) بما يشفي ويكفي ، فيحسن الرجوع إليه فإنه مهم .
" فقه النوازل " ( 1 / 269 ) .
وهذا نص فتوى الشيخ محمود شلتوت :
"إذا كان التلقيح بماء رجل أجنبي عن المرأة لا يربط بينهما عقد زواج : فهو في هذه
الحالة يكون في نظر الشريعة الإسلامية جريمة منكرة وإثمًا عظيمًا يلتقي مع الزنى في
إطارٍ واحدٍ ، جوهرهما واحد ، ونتيجتهما واحدة ، وهي وضع ماء رجل أجنبي قصداً في
حرثٍ ليس بينه وبين ذلك الرجل عقد ارتباط بزوجيَّة شرعيَّة ، ولولا وجود قصورٍ في
صورة الجريمة : لكان حكم التلقيح في تلك الحالة هو حكم الزنى" انتهى .
وقد وقع خلاف بين العلماء فيما إذا كانت البويضة والحيوان المنوي من الزوجين ، وتم
حقن ذلك في رحم الزوجة نفسها ، فمن العلماء من منع ذلك ، ومنهم من أجازه بشروط .
وقد اتفق الجميع على وجود المخاطر والمحاذير في هذه الصورة ، وقد ذكرها الشيخ بكر
أبو زيد – حفظه الله – وقال في آخر المبحث :
وعليه : فيظهر أن مَن نزع إلى المنع من باب تحريم الوسائل وما تفضي إليه مِن هتك
المحارم : فإنه قد نزع بحججٍ وافرة ، وما لبس المسلم في حياته وآخرته أحسن من لباس
التقوى والعزة ، وعيشة في محيط الكرامة الإنسانية وسلامة بنيتها ومقوماتها لتعيش في
جو سليم من الوخز والهمس محافظاً على دينه وعلى نفسه ، وكما يحافظ على ماله من
الربا وغباره يحافظ على نسبه وعرضه من آثاره الضارة عليهما بالشكوك والأوهام التي
تصرع شرفه وعزته ، وأخيراً تخل بتماسك أمته وحفظها وصيانتها .
وقد عُلم من مدارك الشرع أن جملة من المحرمات تَحرُم تحريم وسائل قد تباح في مواطن
الاضطرار ، والضرورة تُقدَّر بقدرها ، وعليه :
فإن المكلف إذا ابتلي بهذه : فعليه أن يسأل من يثق بدينه وعلمه ، والله تعالى أعلم
، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
" فقه النوازل " ( 1 / 275 ، 276 ) .
وعليه :
فلا يجوز مباشرة زوجتك لما حرَّم الله سبحانه وتعالى ، ولو كان لها قصدٌ شرعي بعد
عودتها لبلادها .
وإذا كانت قد أنهت دراستها فلها أن تتعذر بما تستطيعه لكي لا تقع في المحذور والذي
يساهم في ضياع الأنساب والأعراض ، ولا شك أن الدراسة النظرية لهذا الأمر دون
المباشرة العملية أهون .
والله أعلم