طلبت الطلاق وطلقها القاضي بعد سنتين في غياب الزوج فهل يصح الطلاق ؟
أنا شاب والحمد لله متدين ، ولي صديق من عائلة كريمة ومتدينة ، صديقي له أخت على خلق ودين ، وكانت قد تزوجت من رجل من أبناء البلد المغرب ، وتم عقد الزواج في المغرب ولكن زوجها يعيش في بلد أوربي فذهبت للعيش معه ، فاكتشفت بأنه لا يصلي ويشرب الخمر ويقامر ولم تكن تعلم ذلك قبل الزواج منه ، حاولت النصيحة كثيراً معه كي يترك المعاصي ويتوب إلى الله ولكن دون جدوى ، فطلبت منه أن يرسلها إلى زيارة أهلها فأرسلها ، فلما أتت بيت أهلها طلبت الطلاق ؛ لكونه لا يريد ترك المحرمات ، فوافق على الطلاق ، ولكن في المغرب الطلاق يأخذ وقتاً كثيراً ، فعينت محامي موكل عنها ، ولكن الزوج لم يأت إلا بعد سنة من انفصالهم إلى المحكمة وأخبر القاضي بأنه موافق على الطلاق ، ولكن القاضي لم يطلقهم حتى يدفع الزوج المستحقات إلى الزوجة ، فأخذ الأمر سنة أخرى حتى دفع المستحقات إلى الزوجة ، وهي في هذه السنتين كانت تقيم في بيت أهلها ، وفي الجلسة الأخيرة التي تم فيها الطلاق، الزوج لم يكن حاضراً ، ولا الزوجة حاضرة فقط المحامي موكلها والقاضي الذي طلقها. هل هذا الطلاق صحيح ؟ فأنا أريد أن أتقدم إلى الزواج منها ، كونها على خلق ودين ولكن عندي شك من هذا الطلاق إن كان صحيحا أو لا ، بحيث إن الزوج لم يرمي عليها يمين الطلاق ، ولكن فقط أخبر القاضي بالموافقة على الطلاق الذي طلقها بعدم حضورهما. أفتوني في ذلك باراك الله فيكم وجزاكم كل خير.
الجواب
الحمد لله.
إذا طلبت المرأة الطلاق ، ووافق عليه الزوج أمام القاضي ، ثم قام القاضي بعد مدة
بتطليقها ، وقع الطلاق ؛ لأن موافقة الزوج على الطلاق أمامه تعني توكيله في الطلاق
، ومن فوض أو وكل غيره في الطلاق ، كان للغير صلاحية التطليق في حضوره وفي غيابه ،
ويزيد القاضي على ذلك أن له صلاحية التطليق إذا تضررت الزوجة وأبى الزوج أن يطلقها
.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/ 308) : " وجملة ذلك أن الزوج مخير بين أن
يطلق بنفسه , وبين أن يوكل فيه , وبين أن يفوضه إلى المرأة , ويجعله إلى اختيارها ;
بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه , فاخترنه . ومتى جعل أمر امرأته
بيدها , فهو بيدها أبدا , لا يتقيد ذلك بالمجلس . روي ذلك عن علي رضي الله عنه .
وبه قال الحكم , وأبو ثور , وابن المنذر . وقال مالك , والشافعي , وأصحاب الرأي :
هو مقصور على المجلس , ولا طلاق لها بعد مفارقته ; لأنه تخيير لها , فكان مقصورا
على المجلس , كقوله : اختاري . ولنا , قول علي رضي الله عنه في رجل جعل أمر امرأته
بيدها , قال : هو لها حتى تنكل . ولا نعرف له في الصحابة مخالفا , فيكون إجماعا .
ولأنه نوع توكيل في الطلاق , فكان على التراخي , كما لو جعله لأجنبي ".
ثم قال : " مسألة ; قال : ( وكذلك الحكم إذا جعله في يد غيرها ) . وجملة ذلك أنه
إذا جعل أمر امرأته بيد غيرها , صح , وحكمه حكم ما لو جعله بيدها , في أنه بيده في
المجلس وبعده . ووافق الشافعي على هذا في حق غيرها ; لأنه توكيل " انتهى . وينظر :
"الموسوعة الفقهية" (29/ 46).
والحاصل : أن الزوج إن وافق على الطلاق ، وترك الأمر للقاضي ، فله أن يطلق عليه في
غيابه ولو بعد مدة . كما أن للقاضي أن يطلق المرأة للضرر الواقع عليها - مع غياب
الزوج - إن أقامت بينة على ضررها .
وإذا صدر من المحكمة صك بطلاق المرأة ، فلا جناح عليك في الزواج منها .
والله أعلم .