حكم الصلاة في مصلى بجوار المسجد بعض الصلوات لشدة الحر
لدينا مصلى بجوار المسجد مباشرة ، واختلف الناس في حكم صلاة بعض الفرائض فيه كالمغرب والعشاء ، فهل يجوز الصلاة فيه لشدة الحر بالمسجد في المغرب والعشاء ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً .
الجواب
الحمد لله.
الصلاة في المصلى المجاور للمسجد فيها تفصيل :
فإن كان أهل المسجد جميعا مع إمامهم سيؤدون المغرب والعشاء في المصلى لما ذكرت من
شدة الحر ، فلا حرج في ذلك ، تحقيقا للمصلحة ، ودفعا للحرج والمشقة . والأولى :
البقاء في المسجد والسعي في تهويته بالمراوح والمكيفات ، حتى لا يعطل المسجد ولو في
بعض الصلوات .
وإن كان المنتقل إلى المصلى بعض المصلين لا جميعهم ، فيلزم الصلاة في المسجد ،
والعدول عن الانتقال للمصلى ؛ لما في هذا الانتقال من تفريق جماعة المسلمين ، ولم
يزل المسلمون يصلون في الحر والبرد .
روى مسلم (619) عَنْ خَبَّابٍ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا . أي لم
يُزل شكوانا .
وروى البخاري (385) ومسلم (620) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ
الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ .
وقد منع العلماء من بناء مسجد إلى جوار مسجد ، لغير حاجة ؛ لما فيه من تفريق
المسلمين ، وجعلوه في حكم مسجد الضرار ، وإن لم يقصد الضرار .
قال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (2/ 38) : " لا يبنى مسجد ضرارا , وقال محمد بن
موسى : يبني مسجدا إلى جنب مسجد ؟ قال [أي الإمام أحمد] : لا يبني المساجد ليعدي
بعضها بعضا , وقال صالح : قلت لأبي : كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أرادوا أن
يبنوا إلى جانبه مسجدا ؟ قال : لا يبنى مسجد يراد به الضرار لمسجد إلى جنبه , فإن
كثر الناس حتى يضيق عليهم : فلا بأس أن يبنى ، وإن قرب من ذلك . فاتفقت الرواية أنه
لا يبنى لقصد الضرار .
وإن لم يقصد ، ولا حاجة : فروايتان , رواية محمد بن موسى : لا يبنى , واختاره شيخنا
[أي ابن تيمية] وأنه يجب هدمها , وقاله فيما بنى جوار جامع بني أمية . وظاهر رواية
صالح : يبنى " انتهى .
قال المرداوي في "تصحيح الفروع" : " الصحيح ما اختاره الشيخ تقي الدين , والله أعلم
" انتهى .
وينظر : تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد ، للجراعي ، ص 426
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره (8/ 254) : " قال علماؤنا: لا يجوز أن يبني مسجد
إلى جنب مسجد، ويجب هدمه، والمنع من بنائه لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى
شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد ، فيبنى حينئذ " انتهى .
والله أعلم .