الحمد لله.
الصلاة في المصلى المجاور للمسجد فيها تفصيل :
فإن كان أهل المسجد جميعا مع إمامهم سيؤدون المغرب والعشاء في المصلى لما ذكرت من شدة الحر ، فلا حرج في ذلك ، تحقيقا للمصلحة ، ودفعا للحرج والمشقة . والأولى : البقاء في المسجد والسعي في تهويته بالمراوح والمكيفات ، حتى لا يعطل المسجد ولو في بعض الصلوات .
وإن كان المنتقل إلى المصلى بعض المصلين لا جميعهم ، فيلزم الصلاة في المسجد ، والعدول عن الانتقال للمصلى ؛ لما في هذا الانتقال من تفريق جماعة المسلمين ، ولم يزل المسلمون يصلون في الحر والبرد .
روى مسلم (619) عَنْ خَبَّابٍ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا . أي لم يُزل شكوانا .
وروى البخاري (385) ومسلم (620) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ .
وقد منع العلماء من بناء مسجد إلى جوار مسجد ، لغير حاجة ؛ لما فيه من تفريق المسلمين ، وجعلوه في حكم مسجد الضرار ، وإن لم يقصد الضرار .
قال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (2/ 38) : " لا يبنى مسجد ضرارا , وقال محمد بن موسى : يبني مسجدا إلى جنب مسجد ؟ قال [أي الإمام أحمد] : لا يبني المساجد ليعدي بعضها بعضا , وقال صالح : قلت لأبي : كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أرادوا أن يبنوا إلى جانبه مسجدا ؟ قال : لا يبنى مسجد يراد به الضرار لمسجد إلى جنبه , فإن كثر الناس حتى يضيق عليهم : فلا بأس أن يبنى ، وإن قرب من ذلك . فاتفقت الرواية أنه لا يبنى لقصد الضرار .
وإن لم يقصد ، ولا حاجة : فروايتان , رواية محمد بن موسى : لا يبنى , واختاره شيخنا [أي ابن تيمية] وأنه يجب هدمها , وقاله فيما بنى جوار جامع بني أمية . وظاهر رواية صالح : يبنى " انتهى .
قال المرداوي في "تصحيح الفروع" : " الصحيح ما اختاره الشيخ تقي الدين , والله أعلم " انتهى .
وينظر : تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد ، للجراعي ، ص 426
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره (8/ 254) : " قال علماؤنا: لا يجوز أن يبني مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه، والمنع من بنائه لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد ، فيبنى حينئذ " انتهى .
والله أعلم .
تعليق