الحمد لله.
لا شك أن سعي الآباء في تحصيل نفقة أولادهم لكفايتهم وإغنائهم عن سؤال الناس يؤجرون
عليه متى احتسبوا ذلك ؛ لما رواه البخاري (56) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي
الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ
عَلَيْهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ
فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ
عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ) رواه
مسلم (995) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَمِنْ حَدِيث أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي
أَسْمَاء عَنْ ثَوْبَانَ رَفَعَهُ : ( أَفْضَل دِينَار يُنْفِقهُ الرَّجُل دِينَار
يُنْفِقهُ عَلَى عِيَاله , وَدِينَار يُنْفِقهُ عَلَى دَابَّته فِي سَبِيل اللَّه ,
وَدِينَار يُنْفِقهُ عَلَى أَصْحَابه فِي سَبِيل اللَّه ) قَالَ أَبُو قِلَابَةَ
بَدَأَ بِالْعِيَالِ , وَأَيُّ رَجُل أَعْظَم أَجْرًا مِنْ رَجُل يُنْفِق عَلَى
عِيَاله يُعِفُّهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ؟ .
قَالَ الطَّبَرِيُّ: الْبُدَاءَة فِي الْإِنْفَاق بِالْعِيَالِ , يَتَنَاوَل
النَّفْس؛ لِأَنَّ نَفْس الْمَرْء مِنْ جُمْلَة عِيَاله ، بَلْ هِيَ أَعْظَم حَقًّا
عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّة عِيَاله, إِذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ إِحْيَاء غَيْره بِإِتْلَافِ
نَفْسه, ثُمَّ الْإِنْفَاق عَلَى عِيَاله كَذَلِكَ " انتهى من "فتح الباري" (9/499)
.
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (69960)
.
فإذا تبين ذلك : فقد توفي
الوالد على عمل صالح ، نرجو له به حسن الخاتمة والقبول عند الله تعالى ؛ لكن ذلك لا
يلزم منه أنه كان في جهاد بالمعنى الخاص لكلمة جهاد ، فالمعنى الخاص : هو قتال
المشركين في سبيل الله .
وأما الجهاد المعنى العام ، والذي يشمل كل طاعة ، فلا مانع من أن يقال بذلك على وجه
العموم ، لكن ذلك لا يعني أيضا أنه مات شهيدا ، فليس كل من مات على عمل صالح فقد
مات شهيدا.
وينظر جواب السؤال رقم (145203)
ورقم (150012)
والإحالات الموجودة هناك .
والله أعلم