الحمد لله.
وهذا كله على فرض وجود مخالفة بين ما ترونه في وقت صلاة العيد وبين مخالفيكم من الإخوة الحنفية ، فكيف والحال أنه لا خلاف بينكم في مسألتكم تلك ؟! فالوقت الذي يصلِّي فيه أولئك الإخوة هو وقت صلاة العيدين بالإجماع ! فالمذاهب كلها قد اتفقت على أن نهاية وقت صلاة العيدين هو زوال الشمس ، يعني : قرب وقت صلاة الظهر . وإن كانوا قد اختلفوا في وقت بدايتها ، فذهب الجمهور من المالكية والحنفية والحنابلة إلى أن ابتداء وقتها هو من ارتفاع الشمس قدر رمح ، بينما ذهب الشافعية إلى أن ابتداء صلاتها هو من أول طلوع الشمس .
جاء في " الموسوعة الفقهية "
( 27 / 243 ) : " ذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والمالكية والحنابلة - إلى أن وقت
صلاة العيدين يبتدئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة - وهو الوقت
الذي تحل فيه النافلة - ويمتد وقتها إلى ابتداء الزوال ، وقال الشافعية : إن وقتها
ما بين طلوع الشمس وزوالها ، ودليلهم على أن وقتها يبدأ بطلوع الشمس : أنها صلاة
ذات سبب فلا تراعى فيها الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة " انتهى .
وعلى ذلك فما يفعله أولئك الإخوة لا خلاف في جوازه ، وأنه موافق للشرع في أداء صلاة
العيد في وقتها ، لكنهم يُنصحون في صلاة الأضحى بتقديمها حتى يكون متسَّع من الوقت
بعدها لذبح الأضاحي ، ولا بأس أن يكون التأخير في صلاة عيد الفطر ليتمكَّن المسلمون
من توزيع صدقة الفطر على مستحقيها ؛ إذ خير أوقات إخراج صدقة الفطر ما بين فجر يوم
العيد وصلاته .
قال ابن قدامة – رحمه الله - : " ويسنُّ تقديم الأضحى ليتسع وقت التضحية ، وتأخير
الفطر ليتسع وقت إخراج صدقة الفطر ، وهذا مذهب الشافعي ، ولا أعلم فيه خلافاً ، ...
ولأن لكل عيدٍ وظيفةٌ ، فوظيفة الفطر إخراج الفطرة ووقتها قبل الصلاة ، ووظيفة
الأضحى التضحية ووقتها بعد الصلاة ، وفي تأخير الفطر وتقديم الأضحى توسيع لوظيفة كل
منهما " .
انتهى من " المغني " ( 2 / 232 ) .
فالوصية لكم أن تجتمعوا مع أهل قريتكم على إمام واحدٍ في صلاة العيدين وفي الجمعة
والجماعة ، وإياكم أن تكونوا سبب فرقة بين المسلمين ، فمنهج السلف أجلّ وأعظم من أن
يكون أهله سبب افتراق المسلمين ، وهذا لا يمنعكم من بيان السنَّة للناس في عباداتهم
، لكن يجب عليكم التفريق بين ما يسع فيه الخلاف وما لا يسع ، وشعائر المسلمين
الظاهرة من الجمعة والجماعة ليس فيها ما يسبِّب افتراقاً بينكم وبين أحدٍ من أهل
المذاهب الفقهية المتبوعة ، وما أحلناكم عليه من أجوبة فيه بيان واضح لهذا ، والله
يوفقكم ويرعاكم .
والله أعلم