الحمد لله.
وأما بخصوص العمل : فإنه لا ينبغي أن تربط بين عملك المحدد في جهة معينة وبين مغادرتك البلد التي لا تأمن فيها على دينك ودين أفراد أسرتك ، ولا ينبغي لك تعليق الخروج من ديار الفتنة بوجود عمل مناسب لك ، ولعلك – ومثلك ملايين – ممن غادر بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر دون أن يكون له فيها عمل معيَّن ! ومع هذا صبر وصابر وتعب حتى وجد عملاً يسد به رمقه ، وإن الصحابة الأجلاء – من قبل – رضي الله عنهم هاجروا مكة المكرمة التي كانوا يسامون فيها العذاب أو كانوا يخشون فيها الفتنة في دينهم ، هاجروا منها إلى الحبشة من غير أن يكون لهم فيها عمل معيَّن ، وهكذا الأمر كان مع من هاجر إلى المدينة ، وقل مثل ذلك في أكثر الذين هاجروا بدينهم إلى بلاد يأمنون فيها على أنفسهم ويظهرون فيها شعائر دينهم .
ولذا فإننا نوصيك بتقوى الله ، وحسن الظن به ، والتوكل عليه ، في حصول ما ترجو من خير ورزق وبركة ، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً بتأخير خروجك منها ، وتخويفك من الفقر ، وقلة الرزق ، وضعف الحيلة .
وأما العمل فإنه سهل متيسر
لمن صدق في نيته وجدَّ في البحث ، ومهنتك التي في يدك يسهل أن تجد لها مجالات رحبة
كثيرة من العمل المباح الحلال ، وحتى لو عملت في شركة تؤسس البنية التحتية لشبكة
المعلومات لبنك ربوي أو ما يشبهه من أماكن المعاصي فإنه يمكنك التفاهم مع صاحب
الشركة أو مديرها التنفيذي عن اعتذارك عن القيام بما فيه حرام من تلك الأعمال ، وأن
تجعل عملك خاصا بالشركات التي عملها مباح ، أو أن تعمل عملا عاما ، يمكن أن ينفع
هذا وذاك ، ولا يكون خاصا بالبنوك الربوية .
وفي ظننا أن الله تعالى سييسر لك أمرك ويجعل لك مخرجاً ويرزقك من حيث لا تحتسب ،
قال الله تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/ 2 ، 3 . وقال تعالى بعدها ( وَمَنْ يَتَّقِ
اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق/ من الآية 4 .
فاعقد العزم على الخروج ولا تتردد فيه ، فالأمر جد خطير ، والسلامة لا يعدلها شيء ،
والحفاظ على نعمة الاستقامة على الدين لا تعادلها نعمة فحافظ عليها وعض عليها
بنواجذك ، والله يحفظك ويرعاك ، ونسأله تعالى أن ييسر لك الخير في بلادك عاجلاً غير
آجل وأن يرزقك رزقاً حسناً .
والله أعلم