إذا صلى المغرب خلف من يصلي العشاء وسلم ثم أدرك معه العشاء
سافرت من مدينتي إلى مدينة أخرى والمسافة بينهما 180 كم ، فدخل علي موعد صلاة المغرب وأنا في الخط ، فعزمت أمري أن أصلي المغرب والعشاء جمعا وقصرا حينما أصل إلى وجهتي فوصلت إلى وجهتي قبل صلاة العشاء بعشر دقائق ، ونيتي أن لا أمكث إلا سويعات أقضي حوائجي وأعود ، فصليت مع الجماعة في صلاة العشاء ، ونيتي أنها صلاة مغرب ، فلما قام الإمام من الركعة الثالثة جلست أنا وقرأت التشهد الأول والصلاة على النبي وسلمت ، ثم كبرت وأكملت مع الجماعة من الركعة الرابعة ، ونيتي أنها صلاة العشاء ، فلما سلم الإمام قمت وصليت ركعة وسلمت .
هل هناك خطأ فيما فعلت ؟ وما الواجب في مثل هذه الحالة ؟ وما الواجب علي فعله إن كنت مخطئا ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
يجوز أن يصلي الإنسان المغرب خلف من يصلي العشاء ، فلا يضر اختلاف الهيئة ولا النية
على الراجح ، وإذا قام الإمام إلى الرابعة ، كان المأموم مخيرا بين أمرين :
الأول : أن يثبت مكانه وينتظر حتى يجلس الإمام للتشهد الأخير ، فيتشهد ويسلم معه .
الثاني : أن ينوي المفارقة ، فيتشهد ويسلم ، ثم يدخل مع الإمام في الركعة الأخيرة
من صلاة العشاء .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وإذا صلى وراء إمام وصلاته أقل من صلاة الإمام
، فهنا قد يحدث فيه إشكال؛ لأن المأموم هنا إن تابع الإمام زاد في صلاته ؛ وإن جلس
خالف إمامه.
مثاله: صلى المغرب خلف من يصلي العشاء ، فهنا إذا قام الإمام إلى رابعة العشاء
فالمأموم بين أمرين:
إما أن ينفرد عن الإمام ، وهذه مفسدة .
وإما أن يتابع الإمام وهذه أيضا مفسدة ، لأنه إن تابع الإمام زاد ركعة ، وإن تخلف
خالف الإمام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فهل
هذه الصورة تدخل في القول الصحيح الراجح أن اختلاف النية بين الصلاتين لا يضر؟
الجواب: نعم تدخل في القول الراجح ، وأنه يجوز أن يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء،
وهذه تقع كثيرا ، فإن أدرك الإمام في الثانية فما بعدها فلا إشكال، لأنه يتابع
إمامه ويسلم معه، وإن دخل في الثالثة أتى بعده بركعة ، وإن دخل في الرابعة أتى
بركعتين، لكن إن دخل في الأولى فإنه يلزمه إذا قام الإمام إلى الرابعة أن يجلس ولا
يقوم .
ولكن إذا جلس هل ينوي الانفراد ويسلم، أو ينتظر الإمام؟
الجواب: هو مخير، لكننا نستحب له أن ينوي الانفراد ويسلم ، إذا كان يمكنه أن يدرك
ما بقي من صلاة العشاء مع الإمام ؛ من أجل أن يدرك صلاة الجماعة في العشاء.
فإن قال قائل: لماذا تجيزون له الانفراد ، والإمام يجب أن يؤتم به ؟
فالجواب: لأجل العذر الشرعي ، والانفراد للعذر الشرعي أو الحسي جائز.
ودليل الانفراد للعذر الشرعي : صلاة الخوف، فالطائفة الأولى تصلي مع الإمام ركعة ،
فإذا قام إلى الثانية نوت الانفراد ، وأتمت الركعة الثانية ، وسلمت وانصرفت .
ودليل الانفراد للعذر الحسي انفراد الصحابي عن معاذ بن جبل لتطويله ".
ثم قال رحمه الله : " فإن قال قائل: ما تقولون في رجل مسافر صلى خلف إمام يصلي
أربعا، هل تبيحون له إذا صلى الركعتين أن ينفرد ويسلم؛ لأن المسافر يقصر الصلاة ؟
فنقول: لا نبيح لك ذلك .
إذا؛ ما الفرق بين هذه المسألة، ومسألة من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء؟
الجواب: الفرق بينهما ظاهر، لأن إتمام الرباعية إتمام صفة مشروعة في الحضر، أما
إتمام المغرب أربعا فليست صفة مشروعة إطلاقا.
وعلى هذا فنقول: القصر في مسألة المسافر عورض بوجوب المتابعة، وإتمام الصلاة
للمسافر ليس بحرام، أي: من أتم الصلاة في السفر فليس كمن صلى المغرب أربعا، أو صلى
الفجر أربعا، فظهر الفرق بينهما، فمن صلى مع الإمام المقيم وهو مسافر ، فعليه أن
يتم سواء أدرك الصلاة من أولها أم في أثنائها ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " انتهى من "الشرح الممتع" (4/ 260- 263).
ثانيا :
المسافر إذا أدرك ركعة من صلاة المقيم لزمه الإتمام ، وقد سبق بيان ذلك في جواب
السؤال رقم (21996)
ورقم (26186) .
وقد أخطأت في الاقتصار على ركعتين في العشاء ، وإذا لم تكن مقلدا لمن يجيز ذلك ،
لزمك إعادة الصلاة .
والله أعلم .