الحمد لله.
"الْمُسَافِر مَتَى ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ , لَزِمَهُ الإِتْمَامُ , سَوَاءٌ أَدْرَكَ جَمِيعَ الصَّلاةِ أَوْ رَكْعَةً , أَوْ أَقَلَّ . قَالَ الأَثْرَمُ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (يعني الإمام أحمد) عَنْ الْمُسَافِرِ , يَدْخُلُ فِي تَشَهُّدِ الْمُقِيمِينَ ؟ قَالَ : يُصَلِّي أَرْبَعًا . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة .
والدليل على ذلك :
1- قول النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ) رواه البخاري (722) ومسلم (414) . وَمُفَارَقَةُ إمَامِهِ اخْتِلافٌ عَلَيْهِ .
2- مَا رواه أحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : مَا بَالُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي حَالِ الانْفِرَادِ , وَأَرْبَعًا إذَا ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ ؟ فَقَالَ : تِلْكَ السُّنَّةُ . وَقَوْلُهُ : "السُّنَّةُ" يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. صححه الألباني في "إرواء الغليل" (571) .
3- وَلِأَنَّهُ فِعْلُ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ نَافِعٌ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ صَلاهَا أَرْبَعًا , وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ صَلاهَا رَكْعَتَيْنِ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
انتهى من "المغني" (3/143) باختصار وتصرف .
و قال الشيخ ابن عثيمين :
"الواجب على المسافر إذا صلّى خلف الإمام المقيم أن يتمّ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإمام ليؤتمّ به ) . ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلّون خلف أمير المؤمنين عثمان بن عفّان في الحج في منى فكان يصلي بهم أربعاً فيصلّون معه أربعاً .
وكذلك لو دخل والإمام في آخر ركعتين فعليه بعد أن يسلِّم الإمام أن يقوم فيأتي بما بقي فيتمّ أربعاً لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أدركتم فصلّوا وما فاتكم فأتمّوا ) رواه البخاري (635) ومسلم (603) ولأن المأموم في هذه الحال ارتبطت صلاته بالإمام فلزم أن يتابعه حتى فيما فاته .
وأما من فعل ذلك فيما سبق ، فكان يصلّي ركعتين خلف إمام مقيم ، فإنه يجب عليه إعادة ما صلاّه من الصلوات الرباعية ولا يُشترط أن تكون متتابعة ، وعليه أن يتحرّى عدد الصلوات التي صلاّها ويجتهد في ذلك ويعيدها" اهـ .
لقاء الباب المفتوح ص/40-41.
تعليق