الحمد لله.
3 - وروى أحمد (21981) عن
عَبْد اللَّهِ بْن حَوَالَةَ الْأَزْدِيّ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيُفْتَحَنَّ لَكُمْ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ
، أَوْ الرُّومُ وَفَارِسُ ، حَتَّى يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ مِنْ الْإِبِلِ كَذَا
وَكَذَا ، وَمِنْ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْغَنَمِ ، حَتَّى يُعْطَى
أَحَدُهُمْ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا ) .
ورواه الحاكم (8309) وصححه ، ووافقه الذهبي .
4- وروى مسلم (2899) عن
عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ قَالَ : ( إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا
يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا
وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ فَقَالَ : عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ
وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ ، قال يُسير بن جابر : قُلْتُ الرُّومَ
تَعْنِي ؟ قَالَ نَعَمْ ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمْ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ
فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً ،
فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ
وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ
الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً ،
فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ
وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ
الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً ،
فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ
غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ
إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ
عَلَيْهِمْ – أي على الروم - فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً - إِمَّا قَالَ لَا يُرَى
مِثْلُهَا وَإِمَّا قَالَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ
بِجَنَبَاتِهِمْ ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا ) .
5 – وروى أبو داود (4294)
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ
خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ،
وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ) وحسنه الألباني .
قال ابن كثير رحمه الله :
" فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ
مَنْ آمَنَ بِهِ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ عَلَى
الْوَجْهِ الْحَقِّ ، كَانُوا هُمْ أَتْبَاعَ كُلِّ نَبِيٍّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ
، إِذْ قَدْ صَدَّقُوا الرسول النبي الأمي العربي ، خاتم الرسل وسيد ولد آدم على
الإطلاق ، الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَى التَّصْدِيقِ بِجَمِيعِ الْحَقِّ ، فَكَانُوا
أَوْلَى بِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ أُمَّتِهِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى
مِلَّتِهِ وَطَرِيقَتِهِ ، مَعَ مَا قَدْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا ، ثُمَّ لَوْ لَمْ
يَكُنْ شَيْءٌ من ذلك ، لكان قد نسخ الله شريعة جميع الرسل ، بما بَعَثَ اللَّهُ
بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدِّينِ الْحَقِّ الَّذِي
لَا يُغَيَّرُ ولا يبدل إلى قيام الساعة ، وَلَا يَزَالُ قَائِمًا مَنْصُورًا
ظَاهِرًا عَلَى كُلِّ دِينٍ ، فَلِهَذَا فَتَحَ اللَّهُ لِأَصْحَابِهِ مَشَارِقَ
الْأَرْضِ ومغاربها، واجتازوا جَمِيعَ الْمَمَالِكِ ، وَدَانَتْ لَهُمْ جَمِيعُ
الدُّوَلِ ، وَكَسَرُوا كِسْرَى ، وَقَصَرُوا قَيْصَرَ وَسَلَبُوهُمَا
كُنُوزَهُمَا، وَأُنْفِقَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ
نَبِيُّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ:
( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً، يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً )
النور/ 55 ، فلهذا لَمَّا كَانُوا هُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمَسِيحِ حَقًّا ،
سَلَبُوا النصارى بلاد الشام وألجئوهم إلى الروم فلجئوا إِلَى مَدِينَتِهِمُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، وَلَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ وَأَهْلُهُ فَوْقَهُمْ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ الصدوق صلّى الله عليه وسلّم
أُمَّتَهُ بِأَنَّ آخِرَهُمْ سَيَفْتَحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَيَسْتَفِيئُونَ
مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَيَقْتُلُونَ الرُّومَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً
جِدًّا، لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهَا وَلَا يَرَوْنَ بَعْدَهَا نَظِيرَهَا، وَقَدْ
جَمَعْتُ فِي هَذَا جُزْءًا مُفْرَدًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:( وَجاعِلُ
الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ
إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا
وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) آل عمران/55،56 وكذلك فعل بِمَنْ كَفَرَ
بِالْمَسِيحِ مِنَ الْيَهُودِ أَوْ غَلَا فيه أو أطراه مِنَ النَّصَارَى ،
عَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ ، وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ
وَإِزَالَةِ الْأَيْدِي عَنِ الْمَمَالِكِ ، وَفِي الدَّارِ الْآخِرَةِ عَذَابُهُمْ
أَشَدُّ وَأَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ " انتهى من "تفسير ابن كثير"
(2/ 40) .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم (128682)
.
والله أعلم .