لقد قرأت عن رأيكم في رياضة القفز بالمظلات من الطائرة و انه ممنوع للضرر الواقع على الفرد و الذي تمنعه تعاليم ديننا و ان الضرر مرفوع .
و مع هذا فأنا اود في ان اقرر امران : تلك الرياضة في بلدنا آمنة جداً عن باقي البلاد في العالم . و معدلات الحوادث فيها منخفضة جداً و الآمان هنا إلى حد مبالغ فيه لدرجة ان أن هناك من خمسة إلى ستة أنظمة آمان في حالة فشل أو تعطل المظلة . و ليس هذا فحسب بل إنك آمن بإرشادات خبراء عبر الاسلكي الموجود في الخوذة فوق رأسك . و لو كان الغرض من تلك الرياضة مجرد الترفيه و مع كل هذا الاحتياط فهل ما زلتم توقنون بأنها خطيرة خصوصاً و أن هناك من الألعاب من هو أقل خطورة و معدلات الحوادث فيه أعلى مثل التزحلق على الجليد و التزلج ... إلخ .
و مؤخراً قمت بالاشتراك في هذه الرياضة و أحتاج إلى التوضيح لاتخاذ قرار التخلي عن هذا إن كان الأمر ضروري .
أشكركم
الحمد لله.
لم نقل بالمنع من " القفز المظلي " مطلقاً في جميع الأحوال كما قد يُفهم من كلام
السائل ، بل تمَّ ربط الأمر بقدر مظنة السلامة وعدمها .
ومما جاء في الفتوى السابقة : " وأما إذا كان الهبوط على سبيل الرياضة واللعب
والترفيه : فلا يجوز ، وأقل أحواله الكراهة إن كان الغالب على الظن السلامة ، فإن
غلب على الظن أن ممارسه يتلف ، أو يصيبه ضرر في بدنه أو نفسه : حرم حينئذ ". انتهى
، وينظر جواب السؤال (138420).
فالقفز المظلي بحد ذاته لا حرج فيه ، وإنما
يُمنع منه حيث كان مظنَّة المخاطرة بالنفس ، ويباح حيث كان غالب الظن السلامة فيه .
والقول بالكراهة لا يعني أن فاعله آثم ، بل هو
شيء مرغوب عنه ؛ لأنه تعريض للنفس للمخاطرة مع عدم وجود فائدة وثمرة إلا اللهو
والترفيه .
وعلى كل حال حيث غلب على الظن السلامة من المخاطر ووجود الاحتياطات الأمنية اللازمة
فلا تحريم .
ولا بد من التنبيه إلى أن هذه الرياضة : سواء قلنا بالكراهة ، أو بالتحريم ، فهي
إنما تتناسب مع الرجال .
وأما المرأة : فالمتوجه أنها تمنع من ذلك مطلقا ؛ وليس الترفيه ضيقا عليها حتى
تحتاج إلى مثل تلك الرياضات ، مع ما فيها من لزوم التواصل مع الرجال ، والاختلاط
بهم ، من دون حاجة شرعية ، ثم صعوبة ، أو تعذر ، الحفاظ على حجابها وسترها ، وهي في
مثل تلك الحال .
فليس الترفيه ضيق الباب ، قليل المجال ، حتى نلجأ فيه إلى مثل ذلك !! وفي غير ذلك
من وسائل الترفيه ، ما يغني عنه وزيادة .
وليس الترفيه ـ أيضا ـ هو المقصد الشرعي الذي ترتكب لأجله كل تلك الرخص ، ويدخل
لأجله في مثل هذه المضايق .
سئل ابن الجوزي رحمه الله : "أيجوز أن أفسح لنفسي في مُباح الملاهي؟
فقال: "عند نفسك من الغفلة ما يكفيها" !!
والله أعلم .