الحمد لله.
وإن كان في التركة عقار ، أو أرض : فإنهن يأخذن نصيبهن من ذلك ، بحسب القسمة
الشرعية ؛ فإن لم يمكن قسمة ذلك على جميع الورثة ، واحتاجوا إلى أن يبيعوه ، أو
يبيع بعض الورثة شيئا من نصيبه : فإنه يأخذ نصيبه بسعره الآن ، ولو كان قد زاد عن
سعره يوم الغصب ، أو كان له نماء ، مثل الحيوان ، أو الزرع ونحو ذلك ، سواء كان ذلك
النماء متصلا بالأصل ، أو منفصلا عنه .
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
" (فَصْلٌ: يَضْمَنُ) ذُو الْيَدِ الْعَادِيَةِ (الْأَصْلَ وَزَوَائِدَهُ
الْمُنْفَصِلَةَ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ (وَالْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ
وَتَعَلُّمُ الصَّنْعَةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عُدْوَانًا عَلَى الْأَصْلِ)
مُبَاشَرَةً ، وَعَلَى الزَّوَائِدِ تَسَبُّبًا إذْ إثْبَاتُهَا عَلَى الْأَصْلِ
سَبَبٌ لِإِثْبَاتِهَا عَلَى زَوَائِدِهِ " .
انتهى من "أسنى المطالب" (2/340) .
فإن تلف شيء من ذلك ، بحيث نقص من قيمته عن وقت غصبه : لزم الغاصب ( واضع اليد )
أن يعطي صاحب الحق حقه ، ومعه قيمة ما نقص من حقه ( أرش النقص ) .
قال الحصني رحمه الله :
" وَاعْلَم أَنه كَمَا يجب رد الْمَغْصُوب ، كَذَلِك يجب أرش نَقصه ، وَلَا فرق
بَين نقص الصّفة وَنقص الْعين .
مِثَال نقص الصّفة : بِأَن غصب دَابَّة سَمِينَة ، فهزلت ، ثمَّ سمنت : فَإِنَّهُ
يردهَا وَأرش السّمن الأول ؛ لِأَن الثَّانِي غير الأول ... وَيُقَاس بِهَذَا مَا
فِي مَعْنَاهُ .
وَأما نقص الْعين : بِأَن غصب زَوجي خف قيمتهمَا عشرَة دَرَاهِم ، فَضَاعَ أَحدهمَا
وَصَارَ قيمَة الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ : لزمَه قيمَة التَّالِف ، وَهُوَ خَمْسَة ،
وَأرش النَّقْص ، وَهُوَ ثَلَاثَة ؛ فَيلْزمهُ ثَمَانِيَة ؛ لِأَن الْأَرْش حصل
بِالتَّفْرِيقِ الْحَاصِل عِنْده .. " .
انتهى من "كفاية الأخيار" (1/283) ، وينظر : "أسنى المطالب" (2/344) ، "مطالب أولي
النهى" (4/10) وما بعدها .
ويلحق بالنقص الحاصل في العين ، أو صفتها : نقص سعرها ، لكساد سوقها ، عن يوم
غصب العين : فإن الغاصب يضمن ذلك على القول الراجح .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا الغاصب حال بين المالك وملكه حتى نزل السعر ؛ فهو ظالم ، ونقص السعر في
الواقع نقص صفة ؛ لأن السعر قيمة السلعة ، والقيمة تعتبر صفة في الواقع . ولهذا كان
القول الصحيح : أنه إذا نقص السعر فإن الغاصب يضمن النقص، فنقول: رد العين إلى
صاحبها ومعها نقص السعر.. " .
انتهى من "الشرح الممتع" (10/163) ، وينظر : "كفاية الأخيار" (1/283) .
والواجب على من وقع في شيء من هذا المظالم ، أو غصب حق ذي الحق ، أو تأخيره عنه
زمنا يتضرر به ، أو يفوت فيه منفعة المال على مالكه : أن يرد الحق إلى صاحبه ،
ويتوب إلى الله تعالى من إثم ذلك :
روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ
مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ
الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ
عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ
حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (181388) .
والله تعالى أعلم .