الحمد لله.
أولا :
عتق الرقبة من العمل الصالح إذا ابتغي به وجه الله ، ومن أعتق رقبة مسلمة أعتقه
الله من النار ؛ فروى البخاري (6715) ومسلم (1509) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً
مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْ النَّارِ ، حَتَّى
فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ ) .
وروى أحمد (15417) عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ
غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي
ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ) .
حسنه الحافظ ابن عساكر في "معجمه" (606) والدمياطي في "المتجر الرابح" (ص163) وابن
حجر في "الأمالي المطلقة" (ص105) وصححه السيوطي في "الجامع الصغير" (2/315) وضعفه
الألباني في "الضعيفة" (4555) .
وهو مما يدل على أن الإعانة على عتق الرقبة من أعمال البر الصالحة .
والمُكاتَبُ : العَبْدُ يُكاتَبُ على نَفْسه بثمنه فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ .
والكِتابةُ : أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه على مالٍ يُؤَدِّيه إِليه مُقسّطا فإِذا
أَدَّاه صار حُرّاً . وسميت كتابةً ؛ لأَنه يَكْتُبُ على نفسه لمولاه ثَمَنه
ويَكْتُبُ مولاه له عليه العِتْقَ ، والعبدُ مُكاتَبٌ ؛ لأَن أَصلَ المُكاتَبة من
المَوْلى وهو الذي يُكاتِبُ عبده ، ويقال : كاتَبْتُ العبدَ : أَعْطاني ثَمَنَه على
أَن أُعْتِقَه .
راجع : "النهاية" (4/253) - "لسان العرب" (1 /698) .
فمن أعان على عتق رقبة فقد أعان على عمل صالح ، وله من الأجر بقدر إعانته عليه ،
فمن أعان على عتقه بثلث ثمنه فله أجر عتق الثلث ، ومن أعان على عتقه بربع ثمنه فله
أجر الربع ، وهكذا .
وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2 .
قال ابن باز رحمه الله :
" التعاون على البر والتقوى هو تعاون على تحقيق ما أمر الله به ورسوله قولا وعملا
وعقيدة ، وعلى ترك ما حرم الله ورسوله قولا وعملا وعقيدة ... وعلى حسب صدق العبد في
ذلك وإخلاصه يكون حظه من هذا الربح , وعلى حسب تساهله في ذلك يكون نصيبه من الخسران
, فالكل بالكل والحصة بالحصة , فمن لم يقم بهذه الأمور الأربعة علما وعملا فاته
الخير كله ونزل به الخسران كله , ومن فاته شيء من ذلك ناله من الخسران بقدر ما فاته
من تحقيق هذه الأمور الأربعة " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5 /88) .
فلكل من أعان على فعل البر والتقوى من الأجر بقدر إعانته عليه ، وإنما يكتب الأجر
كله لمن أعتق الرقبة كلها .
ولكن من أراد أن يعتق رقبة
فلم يقدر ، وقدر على المساهمة بالنصف ، وعلم الله من نيته أنه لو قدر على الكل
لدفعه : فمثل هذا يُرجى له أجر الرقبة كلها .
وقد روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ
فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا
سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ) قَالُوا
يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : ( وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ
حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ) " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامل " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (22 /243) .
ثانيا :
المساهمة في دفع الدية له
أجر وفضل ؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى ، لكنه ليس مثل أجر عتق الرقبة ، فهذا
شيء ، وعتق الرقبة من الرق شيء آخر .
وقد سئل علماء اللجنة
الدائمة عن القبيلة تجتمع على أن يدفع كل فرد من أفرادها مبلغا معينا من المال
سنويا يرصدونه لما قد يحدث من كوارث الديات ، بغرض التعاون بين أفراد هذه القبيلة ؟
فأجابت اللجنة :
" اتفاق رجال القبيلة على ما ذكر يعتبر عملا خيريا لما فيه من التعاون على أداء
الواجب " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9 /459) .
وقال د. سعد الحميد حفظه الله :
" المساهمة في دفع دية المقتول ليس مثل أجر عتق الرقبة ، ولكن لا شك أن الأمر فيه
فضل كبير، وفضل الله واسع " انتهى .
http://forum.ma3ali.net/t592505.html
وينظر للفائدة جواب السؤال
رقم : (146564) .
والله تعالى أعلم .