الحمد لله.
أولا:
إذا قال الزوج لآخر أخبر زوجتي بطلاقها فقد وقع الطلاق بمجرد قوله ذلك , جاء في "
المبسوط " للسرخسي (6/141) " وإذا قال لآخر: أخبر امرأتي بطلاقها فهي طالق سواء
أخبرها به أو لم يخبرها " انتهى .
وفي " المحيط البرهاني في الفقه النعماني " (3/210) " وإذا قال لرجل أخبر امرأتي
بطلاقها فهي طالق ساعة ما تكلم أخبرها ذلك الرجل أو لم يخبرها" انتهى.
وفي المدونة (2/78): " أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ أَخْبِرْ امْرَأَتِي
بِطَلَاقِهَا ؛ مَتَى يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ؟ أَيَوْمَ أَخْبَرَهَا أَمْ
يَوْمَ قَالَ لَهُ أَخْبِرْهَا ؟ قَالَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ
يَوْمَ قَالَ لَهُ أَخْبِرْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ
يُخْبِرْهَا؟ قَالَ: فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ
يُخْبِرْهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى
امْرَأَتِهِ يُعْلِمْهَا أَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا فَكَتَمَهَا الرَّسُولُ ذَلِكَ
قَالَ: لَا يَنْفَعُهُ وَقَدْ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ" انتهى .
ثانيا:
أما بالنسبة للزوجة فإذا أخبرها عدلان بأن زوجها قد طلقها , وجب عليها أن تعتد
بشهادتهما , فإن أخبراها أنه قد طلقها الطلقة الأولى أو الثانية فعليها أن تحتسب
ذلك من عدد الطلقات , وإن أخبراها أنه طلقها التطليقة الثالثة وجب عليها أن تمتنع
منه وأن تفارقه .
قال السرخسي الحنفي " وإذا شهد عدلان عند امرأة أن زوجها طلقها ثلاثا ، وهو يجحد
ذلك ثم ماتا أو غابا قبل أن يشهدا عند القاضي بذلك : لم يسع امرأته أن تقيم عنده ،
وكان ذلك بمنزلة سماعها لو سمعته يطلقها ثلاثا ؛ لأنهما لو شهدا بهذا عند القاضي
حكم بحرمتها عليه ، فكذلك إذا شهدا بذلك عندها" .
انتهى من " المبسوط " (10/183) .
وجاء في " البحر الرائق " لابن نجيم الحنفي (4 / 141): " لو شهد عندها رجلان أنه
طلقها ليس لها أن تمكن من نفسها , وإن أخبرها واحد ليس لها الامتناع " انتهى. وفيه
أيضا (4 / 141) : " .... بخلاف المرأة إذا أخبرها عدلان بالطلاق : فإنه يحرم عليها
التمكين من غير حكم بشهادتهما" انتهى.
وبعض الفقهاء يرون أنه لو أخبرها عدل واحد فإنها تعتد بقوله أيضا ، بخلاف غير العدل
, جاء في " قره عين الأخيار لتكملة رد المحتار " (7 / 511): " لَو أخْبرهَا عدل أَن
زَوجهَا مَاتَ أَو طَلقهَا ثَلَاثًا فلهَا التَّزَوُّج، وَلَو أخْبرهَا فَاسق :
تحرَّت" انتهى.
لكن الظاهر أن هؤلاء الفقهاء يعتبرون إخبار الثقة منفردا في حالة غياب الزوج , جاء
في " الفتاوى الهندية " (5 / 312) " إذا غاب الرجل عن امرأته فأتاها مسلم عدل
فأخبرها أن زوجها طلقها ثلاثا أو مات عنها : فلها أن تعتد وتتزوج بزوج آخر، وإن كان
المخبر فاسقا تتحرى" انتهى. وفي " المبسوط " للسرخسي (10 / 179): " وعلى هذا لو أن
امرأة غاب عنها زوجها فأخبرها مسلم ثقة أن زوجها طلقها ثلاثا ، أو مات عنها ، أو
كان غير ثقة فأتاها بكتاب من زوجها بالطلاق ، ولا تدري أنه كتابه أم لا ، إلا أن
أكبر رأيها أنه حق : فلا بأس بأن تعتد وتتزوج" انتهى .
وعلى كل حال : فيمكنك مراجعة
زوجك بشأن ما أخبرك به أهله فإن أقر الزوج بإيقاع الطلاق فقد حصل اليقين وزال الشك
, وإن أنكر الزوج هذا الكلام وكان من أخبرك عدلا وجب حينئذ رفع الأمر إلى القاضي
الشرعي ليفصل في هذا الخلاف .
علما بأن الطلاق لا يكون
بائنا بينونة كبرى إلا في حال الطلقة الثالثة , أما في الطلقتين الأولى والثانية
فإنه يقع رجعيا , وقبل الدخول والخلوة الصحيحة يقع بائنا بينونة صغرى , ويقع كذلك
بائنا بينونة صغرى : إذا طلقها طلاقا رجعيا وانقضت عدتها دون أن يراجعها , كما
بيناه في الفتوى رقم : (118557)
, والفتوى رقم : (46561
).
والله أعلم.