التعبير بالبعث من المراقد لا ينافي عذاب القبر
عندما يُبعث من في القبور يقولون : ( من بعثنا من مرقدنا هذا ) والمرقد كناية عن المكان المريح الآمن ، فكيف نوفق إذاً بين هذه الآية وبين الأحاديث التي تحدثت عن عذاب القبر؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
عذاب القبر ثابت بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة ، وهو واقع على الروح
والجسد ، وللاستزادة يراجع سؤال رقم : (10547).
ثانيا :
أصل المرقد في اللغة المضطجع ، ففي لسان العرب : "والمَرْقَد بالفتح المضجع " لسان
العرب - (3 / 183) ، قال ابن عاشور : "والمَرْقَد : مكان الرقاد ، وحقيقة الرقاد :
النوم ، وأطلقوا الرقاد على الموت والاضطجاع في القبور تشبيهاً بحالة الراقد " .
انتهى من التحرير والتنوير - (22/ 245) .
ولا تعارض بين ما ذكرت من الآية وبين ما ثبت من عذاب القبر ، فإن الله عز وجل قال :
( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ
* قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ
الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً
فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يس/51-54 .
فعندما يأمر الله سبحانه وتعالى بنفخة البعث والنشور والقيام من الأجداث والقبور ،
يقول من كان ينكر اليوم الآخر والبعث والنشور عند معاينتهم لما كانوا يكذبون به :
( يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ) ؛ وتعبيرهم بالمرقد لا يعني
أنهم لم يعذبوا في قبورهم ، وإنما عبروا بذلك لذهول عقولهم وفزعهم من عظيم ما
يشاهدونه من أهوال يوم القيامة والحشر ، حتى أصبح ما شاهدوه من عذاب القبر في مقابل
عظيم أهوال يوم القيامة وما بعده من الشدائد والعذاب كالرقاد .
قال ابن كثير رحمه الله : " وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم ؛ لأنه بالنسبة إلى ما
بعده في الشدة كالرقاد " انتهى من " تفسير ابن كثير " (6 / 581) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" ظنوا لاختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياما "
انتهى من "فتح القدير" (4 / 531) .
والله أعلم .