الحمد لله.
ثانيا :
الكفاءة في الدين هي المعتبرة في النكاح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا
خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا
تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي (1084)
، وحسنه الألباني في " صحيح سنن الترمذي" .
ولا يجوز للولي - الأب أو غيره - أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به .
قال ابن قدامة رحمه الله : "
... فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها
من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها .
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها : فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها " انتهى
من " المغني " (9/383) .
وإذا ثبت امتناع وليها من
تزويجها من كفء رضيت به ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة .
فإن منعها أولياؤها كلهم بغير عذر شرعي : زوّجها السلطان من دونهم .
ينظر إلى جواب السؤال رقم : (7193) ، وجواب السؤال رقم : (105321) ، وجواب السؤال رقم : (115402) .
ثالثا :
لا يجوز للولي - الأب أو غيره - أن يزوج موليته ممن لا تريد ؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم : ( لا تُنْكَح الأيم حتى تُسْتَأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن . قالوا : يا
رسول الله وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت ) رواه البخاري (4843) ، ومسلم (1419) .
وينظر إجابة السؤال رقم : (180331) .
رابعا :
مع ما قررناه سابقا ، فهناك أمور لا بد من مراعاتها ، وعادات يصعب على الشخص أن
يكسرها في مجتمعه ، مرة واحدة ، خاصة فيما يتعلق بشأن المرأة ، فلا بد إذاً من سلوك
سبيل العقل والحكمة ، وهذه خطوات ننصح باتباعها :
- لا بد من حسن اللجوء إلى الله والتضرع إليه بكثرة الدعاء ، مع حسن الظن به سبحانه
.
- التلطف مع الأب غاية التلطف ، وعدم إشعاره بالرغبة في مخالفته ، بل ينبغي إشعاره
بالخضوع له وتمام الطاعة ، وأن رأيه لا شك نابع من حب الخير لأولاده ، ولا يمتري
أحد في ذلك .
- تعريف الأب بالحكم الشرعي عن طريق الفتاوى الموثقة ، أو عن طريق أحد من أهل العلم
أو طلبة العلم ممن يثق هو في علمهم ودينهم ، وإذا كان يعيش في الرياض ، كما تقولين
، فمن الممكن حثه على مشاورة أهل العلم والفتوى في البلد الذي يعيش فيه .
- الاستعانة بمن يمكن الاستعانة به من أهل الخير والصلاح ، لإقناعه بتغيير رأيه
وتحكيم الشرع .
- لا بد من مراجعة نفسك في اختيارك ، فربما كان قول أبيك صائبا ، وكان هذا الرجل
غير مناسب في الحقيقة ، وتكونين قد انسقت وراء العاطفة والرغبة التي تبدو بها
المحاسن وتتوارى بها العيوب .
وإذا لم يمكن إقناع الوالد
بهذا الاختيار ، فنحن نرى لك أن تصبري ، لعل الله ييسر لك اختيار آخر مناسبا ، وأمر
الزواج بشخص معين : ليس متحتما ، وبر الوالدين ، وحسن رعايتهما : أمر متحتم ، ولعل
الله أن يبدلك ـ ببركة برك لوالدك ، وحسن طاعتك له ـ من هو خير من هذا الشخص .
وينظر جواب السؤال رقم : (81991) ، فإن
فيه الكثير من الفوائد النافعة .
والله أعلم