الحمد لله.
وهكذا الملائكة : لا يجوز دعاؤهم ، أو الاستغاثة بهم ، أو طلب الحاجات منهم ، من دون الله عز وجل ؛ بل كل ذلك من الشرك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَمَنْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَسْأَلُهُمْ جَلْبَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ : فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (1/ 124).
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يجوز استخدام الجني بأي نوع من الاستخدام ؛ لأن ذلك من الاستعانة بالجن والشياطين ، وهي محرمة ، ووسيلة من وسائل الشرك ، ولا يجوز تصديقهم فيما يخبرون به من أمور السحر والسحرة لما في ذلك من المفاسد " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (1/ 102) .
وقال علماء اللجنة أيضا :
" الاستعانة بالجن أو الملائكة ، والاستغاثة بهم لدفع ضر أو جلب نفع ، أو للتحصن من شر الجن : شرك أكبر ، يخرج عن ملة الإسلام والعياذ بالله ، سواء كان ذلك بطريق ندائهم ، أو كتابة أسمائهم وتعليقها تميمة ، أو غسلها وشرب الغسول ، أو نحو ذلك ، إذا كان يعتقد أن التميمة أو الغسل تجلب له النفع أو تدفع عنه الضر دون الله " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 134-135) .
ومن تلبيس الشيطان على العباد : أن يظن أحدهم أنه إذا استعان بالملائكة ، ودعاهم ، وطلب الحاجات منهم ؛ فأُعين ، وقضيت حاجته : أن يظن الملائكة هي التي أعانته ، وهذا من تلبيس الشيطان ومكره وكيده ؛ فالملائكة لا تعين على الشرك بالله ، وإنما أعانه شيطانه ، ليلبس عليه أمر دينه .
والحاصل : أنه لا يجوز الاستعانة بالملائكة ولا بالجن ، لا في الطيران ولا في غيره ، وإنما يستعين العبد في أموره كلها بالله جل وعلا ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) رواه أحمد (2664) والترمذي (2516) وصححه ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وأما في الأمور الحسية الظاهرة : فلا حرج في طلبها ممن يملكها أو يقدر عليها ، والاستعانة به في ذلك ، فهو ـ حينئذ ـ سبب من جملة الأسباب التي يتعاطاها المكلف ، ويأخذ بها .
وقال علماء اللجنة :
" لا يجوز الاستعانة بالجن والغائبين ؛ لأن هذا من الشرك بالله عز وجل ؛ لأن الاستعانة عبادة لا يجوز صرفها لغير الله ، لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ولا غيرهم ، إلا مع القادر الحي الحاضر من الإنس فيما يقدر عليه ، كالاستعانة بالإنسان الحي القادر في الزراعة والبناء وقتال الأعداء ؛ أما الجن فحكم حاضرهم كغائبهم : لا تجوز الاستعانة بهم في شيء من الأشياء؛ لقول الله عز وجل: ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) " انتهى من" فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 198) .
أما إمكانية الطيران عن طريق الاستعانة بالجن فهذا ممكن في حد ذاته .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" لا تزال الجن تحمل ناساً، وتطير بهم من مكان إلى مكان " انتهى من " النبوات " (2/ 804) .
وقال أيضا :
" والذين تحملهم الجن، وتطير بهم من مكان إلى مكان، أكثرهم لا يدري كيف حُمِل " . انتهى من " النبوات " (2/ 998) .
لكن ليس كل ممكن مشروعا ، فعامة المعاصي : من الشرك بالله ، والسرقة ، والزنا ، وقتل النفس ، وغير ذلك : هي أمور ممكنة للعباد ، لكن الإمكان وحده ليس دليلا على مشروعية الشيء وجوازه ؛ وإنما مدار المشروعية ، والحلال والحرام : على ما شرعه الله لعباده .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (124838) .
والله تعالى أعلم .