الحمد لله.
وينظر في مسألة حكم شراء المسروق جواب السؤال رقم : (93031) .
ومع ذلك لا وجه لاتفاقكم معه على استرداد نصف الثمن الذي بذله في شراء الماكينة ،
وكان الواجب عليكم أن تردوا له كامل الثمن ؛ لأن بطلان البيع يلغي كل الآثار
المترتبة عليه ، وبالتالي فهو مستحق لكامل الثمن الذي بذله ، إلا أن يكون ذلك عن
رضا منه بذلك ، فلا بأس ؛ لأن الحق له .
ثانيا:
تبقى الآن مسألة : وهي هل يلزمكم الآن إعادة الماكينة المسروقة إلى صاحبها الأول ،
واسترداد القيمة التي بذلتموها له ، أم أنه بتعويضكم له صارت الماكينة ملكا لكم ؟
هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها العلماء رحمهم الله :
قال ابن قدامة رحمه الله :
"مَنْ غَصَبَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ .. ، فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ
الْمُطَالَبَةُ بِبَدَلِهِ , فَإِذَا أَخَذَهُ مَلَكَهُ , وَلَمْ يَمْلِكْ
الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ , بَلْ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا لَزِمَهُ
رَدُّهَا , وَيَسْتَرِدُّ قِيمَتَهَا الَّتِي أَدَّاهَا . وَبِهَذَا قَالَ
الشَّافِعِيُّ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ : يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ الصَّبْرِ إلَى
إمْكَانِ رَدِّهَا فَيَسْتَرِدُّهَا , وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إيَّاهَا فَيَزُولُ
مِلْكُهُ عَنْهَا , وَتَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ , لا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا .. ؛
لأَنَّ الْمَالِكَ مَلَكَ الْبَدَلَ , فَلا يَبْقَى مِلْكُهُ عَلَى الْمُبْدَلِ ,
كَالْبَيْعِ " انتهى من " المغني " ( 5/ 417 ) .
والحاصل :
أنه يلزمكم إعطاء المشتري بقية الثمن الذي بذله لشراء العين المسروقة ، وعلمه بكونه
مسروقا لا يسقط حقه في استرداد الثمن .
كما أن إرجاعك العين المسروقة إلى صاحبها الأول واسترداد قيمتها هو الأبرأ لذمتكم ،
وإن كنتم بذلتم له قيمتها ؛ للخلاف المنقول أعلاه في صحة تملك العين المسروقة بضمان
قيمتها ، ولأن نفسه قد تكون متعلقة بعين آلته ، وإنما رضي بقيمتها ، أو بما تراضيتم
عليه ، ليأسه من استردادها ، فإن تراضيتم بعد ذلك على إمساككم الآلة وإمساكه هو
القيمة فالحق لا يتعداكم .
والله أعلم .