ابتلوا بأب يسب الله وكتابه , وتارك للصلاة , ويقسو عليهم وعلى أمهم وأخوتهم فهل يضربونه؟
نحن أسرة مكونة من أخ 30 سنة ، وأخ 16سنة ، وأخت 29 سنة ، وأخت 18سنة من أم ثانية ، طلق أبونا زوجته الأولى ، ثم وضع السم لولده حتى مات ، أما البنت ففرت هاربة وأمها إلي جدها من أبيها - الذي مات عليه غضبان لأنه كان يتعدى عليه بالضرب والسب وأهله - ثم وكلها لعمها الذي رباها حتى زوجها ، هذا هو حاله مع الأولى ، ثم تزوج الثانية وهي أمي فقام بنهب أموالها كلها ، وأصبح يضرب فينا ضربا شنيعا ، ويعاملنا بسوء ، وأمي هي التي تنفق علي البيت من طعام وشراب وملبس ، بل وتنفق علي ملابسه ، وساعدتني في زواجي حتى تزوجت ، وجهزنا أختي الكبرى حتي زوجناها ، ولم يفعل أي شيء على الاطلاق بل يحاربنا ، ومللنا من الحديث إليه بالمودة ، وكالمعتاد تدخل الأهل كما تدخلوا من قبل ولم يفعلوا شيئا حتى وصلوا للطلاق ولم يطلقها ، وكل من في القرية قطع علاقته به ؛ لأنه بذئ اللسان مع كل الناس ، ولا يصلي أبدا ، ولا يخرج الزكاة مع امتلاكه لأموال كثيرة ، ويتعامل بالبورصة ، والبنوك ، ، ويتفوه بألفاظ يلعن فيها رب العزة ، ويسب القرآن والسنة ، فاشتكينا لأهله ، فقالوا : اشتكوه في مركز الشرطة ، ولن نتدخل لحل مشاكلكم ، فهددناه بذلك فقال : سوف اضربكم حتى تموتوا ، ثم الآن يريد طرد أمي وأخوتي الصغار من البيت ، فتحدثت إلي أمي بأن استأجر شقه صغيرة في المدينة وأخذها هي فقط لتعيش معي وزوجتي ، لكنها رفضت ، وقالت : لن أترك البيت حتى تتزوج أختك ، وهو لن يزوجها ، وصرح بذلك ؛ لأنه يريد أن تخدمه ، وكثير من الفتيات حدث معهن ذلك في قريتنا حتى ماتوا .
وراودني حل أخير أن نقوم أنا وأخوتي بضربه وتوقيعه علي بعض الأوراق فقط لتهديده ، حتى لا يقوم بضربهم ، ونزوج أختى ، ثم أخذ أمي لتعيش معي ، ونطلقها منه ، ويتبقى أخي الأصغر ، والذي دفعني لهذا أن تقاليد قريتنا تسمح بذلك ، فبالعنف تحل المشاكل ، وترد الحقوق ، خاصة وأن بعض أقاربي فعلوا ذلك من قبل .
فما رأيكم ؟
الجواب
الحمد لله.
نسأل الله سبحانه لكم العفو والعافية وأن يفرج كربكم ويرفع عنكم ما ابتليتم به إنه
سبحانه عفو كريم.
أما والدكم هذا ، إن صح ما قلته عنه : فقد فارق دين المسلمين وكفر برب العالمين فإن
من يسب الله تعالى ويسب كتابه وسنة نبيه لا يشك في كفره ويجب البراءة منه وقطع
المودة والموالاة معه , تأسيا بخليل الله إبراهيم عليه السلام , قال الله تعالى : (
قدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ
قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ
وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/4, وقال
تعالى : ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ
أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي
قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22.
والواجب على أمك أن تفارق أباك ، وألا تمكنه من نفسها ، فإنه كافر ، والمسلمة لا
تحل للكافر , قال تعالى : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا
تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ
لَهُنَّ ) الممتحنة/ 10.
وعقد النكاح بينهما مفسوخ ؛ لأن الفقهاء نصوا على أن الزوج إذا ارتد : فإنه يفرق
بينهما ، ثم تتربص ؛ فإن انتهت عدتها ، ولم يرجع عن ردته : بانت منه ، وانفسخ
النكاح بينهما .
والظاهر من حال أبيك أنه مداوم على هذه الحال التي ذكرتها من سب الله وكتابه وترك
الصلاة وغير ذلك – كما يظهر من كلامك – لذا فالنكاح بينهما مفسوخ قطعا, ويراجع في
الفتوى رقم : ( 103082
) كيفية تعامل الزوجة مع زوجها الذي يسب الله ورسوله .
لذا عليك أن تساعد أمك على الفرار منه ، ومفارقته ، ولتجعلها في كنفك ورعايتك ،
فإنها أحق الناس بحسن صحبتك .
وأما عن أختك وعزم أبيك على عدم تزويجها ، فإنا نقول: ليس له عليها ولاية أصلا لأن
الكافر لا ولاية له على المسلمة بإجماع العلماء , قال ابن قدامة رحمه الله : " أما
الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال ، بإجماع أهل العلم ، منهم مالك والشافعي وأبو
عبيد وأصحاب الرأي . وقال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم "
انتهى من "المغني" (9/377) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان لا يصلي لا يحل أن يعقد النكاح لأحد
من بناته ، وإذا عقد النكاح صار العقد فاسداً ؛ لأن من شرط الولي على المسلمة أن
يكون مسلماً " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
لذا فعليكم أن تساعدوا أختكم على الفرار منه ، وأن تسعوا في تزويجها لرجل صالح
يصونها ، ويحفظ عليها دينها .
وأما ما ذكرته من عزمكم على ضربه : فهذا لا يجوز ، لأن الأب له حق مهما حدث منه ،
ولا يجوز للولد أن يهين أباه ولا أن يسبه بحال من الأحوال , وقد سبق في الفتوى رقم
: (175164) حكم ضرب
الابن لأبيه فليراجع هناك.
ثم إنه لا فائدة من ذلك ، ما دمنا نقول إنه لا يصح بقاء الوالدة معه ، بل عليها أن
تفر منه ، وتدعه .
والله أعلم.