الحمد لله.
نسأل الله سبحانه لكم العفو والعافية وأن يفرج كربكم ويرفع عنكم ما ابتليتم به إنه سبحانه عفو كريم.
أما والدكم هذا ، إن صح ما قلته عنه : فقد فارق دين المسلمين وكفر برب العالمين فإن من يسب الله تعالى ويسب كتابه وسنة نبيه لا يشك في كفره ويجب البراءة منه وقطع المودة والموالاة معه , تأسيا بخليل الله إبراهيم عليه السلام , قال الله تعالى : ( قدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/4, وقال تعالى : ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22.
والواجب على أمك أن تفارق أباك ، وألا تمكنه من نفسها ، فإنه كافر ، والمسلمة لا تحل للكافر , قال تعالى : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/ 10.
وعقد النكاح بينهما مفسوخ ؛ لأن الفقهاء نصوا على أن الزوج إذا ارتد : فإنه يفرق بينهما ، ثم تتربص ؛ فإن انتهت عدتها ، ولم يرجع عن ردته : بانت منه ، وانفسخ النكاح بينهما .
والظاهر من حال أبيك أنه مداوم على هذه الحال التي ذكرتها من سب الله وكتابه وترك الصلاة وغير ذلك – كما يظهر من كلامك – لذا فالنكاح بينهما مفسوخ قطعا, ويراجع في الفتوى رقم : ( 103082 ) كيفية تعامل الزوجة مع زوجها الذي يسب الله ورسوله .
لذا عليك أن تساعد أمك على الفرار منه ، ومفارقته ، ولتجعلها في كنفك ورعايتك ، فإنها أحق الناس بحسن صحبتك .
وأما عن أختك وعزم أبيك على عدم تزويجها ، فإنا نقول: ليس له عليها ولاية أصلا لأن الكافر لا ولاية له على المسلمة بإجماع العلماء , قال ابن قدامة رحمه الله : " أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال ، بإجماع أهل العلم ، منهم مالك والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي . وقال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم " انتهى من "المغني" (9/377) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان لا يصلي لا يحل أن يعقد النكاح لأحد من بناته ، وإذا عقد النكاح صار العقد فاسداً ؛ لأن من شرط الولي على المسلمة أن يكون مسلماً " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
لذا فعليكم أن تساعدوا أختكم على الفرار منه ، وأن تسعوا في تزويجها لرجل صالح يصونها ، ويحفظ عليها دينها .
وأما ما ذكرته من عزمكم على ضربه : فهذا لا يجوز ، لأن الأب له حق مهما حدث منه ، ولا يجوز للولد أن يهين أباه ولا أن يسبه بحال من الأحوال , وقد سبق في الفتوى رقم : (175164) حكم ضرب الابن لأبيه فليراجع هناك.
ثم إنه لا فائدة من ذلك ، ما دمنا نقول إنه لا يصح بقاء الوالدة معه ، بل عليها أن تفر منه ، وتدعه .
والله أعلم.
تعليق