ما حكم التداوي بالغدة الدرقية للأبقار؟
لو احتجت لعلاج يستخرج من الغدة الدرقية للأبقار فهل يحرم عليَّ أخذه إن لم تُذبح البقرة بطريقة إسلامية ؟ علماً أن هذه الغدة ستُنظف وتُجفف وتُسحق جيداً.
الجواب
الحمد لله.
لا حرج من التداوي بـ " الغدة الدرقية " للبقرة المذبوحة ذبحا شرعيا ، إن قرر أهل
الطب أن هذا علاج نافع .
وأما إن كانت البقرة لم تذبح ذبحا شرعيا ، فهي في حكم " الميتة " ، فتكون نجسة
نجاسة عينية.
وقد اختلف العلماء في حكم الانتفاع بالنجاسات في التداوي :
فمنهم من منع التداوي بجميع النجاسات ، لعموم الأدلة التي تمنع من التداوي
بالمحرمات ، وهو مذهب الحنابلة ، كما في " كشاف القناع " (6/198).
وقد سبق بيان أدلة هذا القول في جواب السؤال : (215281)
.
ومنهم من أجاز التداوي بجميع النجاسات ما عدا الخمر ، وهو مذهب الحنفية والشافعية
كما في " المجموع شرح المهذب " (9/50) ، و" فتح القدير" (9/40).
ومنهم من فرق بين ظاهر البدن وباطنه ، فلا يجوز التداوي بها عن طريق الأكل والشرب ،
ويجوز التداوي بها عن طريق وضعها على ظاهر البدن ، كالكريمات ونحوها .
وهو مذهب المالكية ، ينظر : " البيان والتحصيل " (18/ 429) حيث قال : " البول نجس
بالإجماع ، فحرم التداوي بشربه ، وجاز الانتفاع به في غسل الجرح وشبهه " انتهى .
وهذا القول الثالث هو أقوى الأقوال بشرط وجود الحاجة وعدم وجود البديل الطاهر ، وهو
اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين .
وقد سبق نقل أقوالهم في جواب السؤال : (149804)
.
والحاصل :
أنه لا يجوز التداوي بـ "الغدة الدرقية" المأخوذة من بقرة غير مذبوحة ذبحا شرعيا ،
لأنها نجسة ، ولا يجوز التداوي بالنجاسات في الأكل والشرب .
وكذا لو كان استعمالها في غير الأكل والشرب ؛ لعدم وجود الحاجة لذلك ، لتوفر البديل
الطاهر من خلال أخذها من بقرة تم ذبحها وفق الطريقة الشرعية ، وهذا أمر متيسر
ومقدور عليه .
قال النووي رحمه الله : " إِنَّمَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ إذَا لَمْ
يَجِدْ طَاهِرًا يَقُومُ مَقَامَهَا ، فَإِنْ وَجَدَهُ : حَرُمَتْ النَّجَاسَاتُ ،
بِلَا خِلَافٍ " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (9/50).
والله أعلم .