تزوجت قبل بضع سنوات ، ولكنني اكتشفت بعد ثمانية أشهر من الزواج أنّ زوجتي تعاني من مرض اعتلال عضلة القلب ، وهو مرض خلقي أخفاه أهلها عني ، وعلى الرغم من اعتنائي بها إلا أنها أصيبت بجلطة دماغية حادة في عام 2011 وذلك نتيجة لتسارع وعدم انتظام ضربات القلب حيث خضعت بعدها لعملية جراحية في الدماغ أدت إلى شللها وفقدانها للذاكرة ، وقد ساهمت في نفقات علاجها بمبلغ كبير حيث تكفل أهلها بالباقي ، وللحفاظ على سلامتها أبقيتها عند والدتها واستأجرت لها ممرضة خاصة حيث أدفع لها راتبا شهرياً يبلغ 10 آلاف ، وبعد مرور ثلاث سنوات من الانتظار أملاً في شفائها قررت الزواج من امرأة أخرى ولكنّ أهلها اعترضوا بشدة واشترطوا علي حتى يسمحوا لي بالزواج إما أن أعطيهم جميع مجوهرات زوجتي ومهرها بالإضافة إلى المجوهرات التي أملكها أو أن أرجع زوجتي إلى بيتي وأعتني بها هناك وبما أنني أعيش بمفردي فإنه سيصعب علي قبول الخيار الثاني لذلك وافقت على إعطائهم ما يريدون ، ولكن أصبحوا يطلبون مني إعطائهم ما يفوق طاقتي ، وعند موافقتي على الخيار الثاني بدأوا يماطلون في ذلك ويسيئون معاملتي .
فهل يحق للزوج في مثل هذه الحالة الاحتفاظ بكافة ممتلكات وهدايا زوجته ؟
وهل أتزوج من امرأة ثانية واحتفظ بممتلكات زوجتي لها حتى أنفق على علاجها من أموالها لا أثق في أهلها وأخشى أن يطالبوني بالمزيد من المال من خلال رفع قضية علي في المحكمة ؟
وأنا لا أريد طلاق زوجتي بالرغم من كل ذلك ، فأرجو منكم النصح والإرشاد .
الحمد لله.
قد أحسنت في حفظك للعشرة الزوجية وتمسكك بزوجتك رغم مرضها واهتمامك بأمرها ، ونبشرك
بما جاء في الحديث ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي )
رواه الترمذي ( 3895 ) ، وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ ، وصححه
الألباني في " صحيح الجامع " (3314) .
أما بالنسبة لسؤالك :
أولا :
ليس من حق أهل زوجتك أن يمنعوك من الزواج بثانية خاصة مع حاجتك الماسة لهذا ، وعدم
تقصيرك في حق زوجتك الأولى ، وهذا الذي صدر منهم من الظلم المنهي عنه ؛ فقد أباح
الله تعالى للرجل أن يتزوج بثانية بشرط العدل بينهما .
قال الله تعالى : ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ
وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا )النساء/3.
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 18 / 402 ) :
" سؤال : مما لا شك به أن الإسلام أباح تعدد الزوجات ، فهل على الزوج أن يطلب رضا
زوجته الأولى قبل الزواج بالثانية ؟
الجواب : ليس بفرض على الزوج إذا أراد أن يتزوج ثانية أن يرضي زوجته الأولى ، لكن
من مكارم الأخلاق وحسن العشرة أن يطيب خاطرها بما يخفف عنها الآلام التي هي من
طبيعة النساء في مثل هذا الأمر ، وذلك بالبشاشة وحسن اللقاء وجميل القول ، وبما
تيسر من المال إن احتاج الرضا إلى ذلك " انتهى .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن
قعود " .
فإذا كان رضا الزوجة الأولى غير مطلوب ، فالأولى عدم الحاجة إلى إذن أهلها .
ثالثا :
أما من يكون المسؤول على أموال هذه المرأة ؟
فالإنسان فاقد الذاكرة في حكم المجنون ؛ لغياب العقل .
والمجنون تستمر ملكيته لأمواله ، ولا يجوز الاعتداء عليها ، ولهذا لا بد من ولي
يقوم على أمواله ويحفظها له ويصرفها على منافعه .
ومادامت الزوجة مقيمة عند
أهلها والخلاف قائم بينكم على هذه الأموال ؛ فالذي يظهر أن والدها هو القيم على
أموالها في هذه الحال ، فتدفع أموالها ومجوهراتها ، فقط ، إلى والدها ، وهو ينفق
عليها منها ، أو من ماله ، إن شاء .
لكن عليك أن توثق استلامهم للمال منك بالشهود ، بل وتكتب عليهم إيصالا بما استلموه
منك ، وتشهد عليهم بذلك ، ما دام قد حصل بينكما خصومة ، فهذا أحوط لك ، وأبرأ لذمتك
، وأوثق لأمرك عند المطالبة .
وليس لهم أن يطالبوك بشيء من مجوهراتك ، ولا شيء فوق مالها ذلك ؛ لكن إن تراضيتما
على شيء تطيقه ، يكون من جملة نفقتها التي تحتاجها ، فهو حسن ، ولعله أن يكون أدوم
للصلة بينكم ، لا سيما مع وفائك لها ، وعدم رغبتك في تطليقها .
والله أعلم .