الحمد لله.
أولا :
سبق أن بينا في أجوبة عديدة : أن من حقوق الزوجة على زوجها : أن يسكنها في مسكن
يليق بمثلها ، بحسب طاقته .
وأن من حقها عليه ـ أيضا ـ أن يكون هذا المسكن مستقلا بها ، تنفرد ببابه ، ومرافقه
، وألا يسكن فيه أحد من أقاربه ، أو أقاربها ، ولو كانا الوالدين ، بغير إذنها
ورضاها .
وينظر جواب السؤال رقم : (7653) ، ورقم : (81933)
.
ثانيا :
إذا لم يكن لأم الزوج منزل خاص يؤيها ، ولم يكن لها أيضا مال تستأجر به سكنا خاصا
بها ، وجب على ابنها أن يسكنها في مسكن يليق بها ، بحسب وسعه وطاقته .
وإذا كان سكن الزوجة واجبا على الزوج ، وسكن الأم ، عند الحاجة وعدم من يكفيها ،
واجبا على ولده : فلا يحل له أن يخل بأحد الواجبين ، مع قدرته عليه ، بل عليه أن
يعطي كل ذي حق حقه ، بحسب قدرته .
وهنا تكون النصيحة للزوجة :
إذا رأت أهل زوجها في اضطرار للعيش والسكنى مع ابنهم : أن تتحمل مع زوجها بعض الشيء
، فهذا من تمام الإحسان إلى العشير ، وأن تتنازل عن بعض حقها ، بغية الإبقاء على
المودة والسكن وحسن العشرة بينهما .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (83778)
.
ثالثا :
إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال من أن والدة الزوج تقيم في بلدها الأصلي ،
وتستطيع أن تقوم بأمر نفسها ، من غير ضرر بيِّنٍ عليها ، أو كان عنده من يقوم
بشأنها ، ولا ضرر عليها في البقاء حيث تعيش : فلا يجب على الزوج أن يستقدمها لتعيش
معه في البلد الذي يعيش أو يعمل فيه .
بل ربما كان بقاؤها في بلدها أنفع وأصلح للجميع ، لا سيما مع توقع حدوث مشكلات بسبب
مكان سكنها وإقامتها إذا انتقلت إلى بلد إقامة ابنها .
وحينئذ : فالواجب عليه أن يبرها بما يستطيع ، وأن يواصلها دائما ، ولا ينقطع عنها
بالزيارة ، كلما أمكنه ذلك ، وتفقدها بالسؤال والاتصال ، وإن كانت في حاجة إلى مال
، بذل لها ما يمكنه من ذلك ، وتعاون مع إخوته على نفقة والدتهم ، كل بحسب قدرته
وطاقته ، إن لم يكن لها مال خاص بها يكفيها .
ونصيحتنا لزوجك ألا ينساق وراء عاطفته ، بنقلها إلى بلد إقامته وعمله ، فيحمل نفسه
أمرا لا يطيقه ، وربما يتسبب في مشكلات وضرر له ولأهل بيته ، لأجل أمر هو في غنى
عنه ، وليست والدته مضطرة إليه .
رابعا :
إذا احتاجت الوالدة إلى الانتقال إلى بلد إقامتك مع زوجك ، أو أصر زوجك على فكرة
نقلها : فالواجب عليه أن يسكنها في مسكن مستقل بها ، بحيث لا تضرر هي بالسكنى فيه ،
ولا تضرر زوجته وأولاده بشركتهم في منزله .
فإن رفض الزوج ذلك ، أو كان ذلك مما يعاب في بلده ، أو يفسد العلاقة بينه وبين أمه:
فنصيحتنا لك : أن تجاهدي نفسك على تقبل هذا الوضع ، ولو فترة من الزمن ، إلى أن
يجعل الله لك منه فرجا ومخرجا ، وليس هذا بالأمر الشاذ ، ولا هو من الأمر الذي لا
يطيقه الناس ؛ بل ما زال ذلك شائعا في كثير من الأسر ، وقد أمكن الكثير من الزوجات
العاقلات أن يتقبلنه ، ويتكيفن معه .
نعم ؛ نحن نعلم أن ذلك يشق عليك كثيرا ، لا سيما إذا لم تعتاديه من أول الأمر ،
ونعلم أيضا أنك قد تتضررين به في أشياء ، ونحن لا نرحب بمثل ذلك الوضع ، ولا ننصح
الزوج به ، إلا اضطرارا ؛ لكننا ـ مع ذلك ـ نرى أن هذا أخف الضررين ، وأقل الأمرين
سوءا ، ففساد العلاقة بينك وبين زوجك ، ليس بالأمر الهين ، وأشد من ذلك أن ينفذ ما
يقوله لك من أنه سيتركك أنت وأبناءك ، إذا لم تقبلي بهذا الوضع .
نعم ؛ هو مخطئ في هذا النمط من التفكير ، وهو مخطئ في أن يوقع نفسه في تلك
الموازنات ، أو المآزق ، لكن : أشد خطأ من ذلك أن تمضي معه في المواجهة إلى آخر
الطريق ، وإلى خيار لا يرضاه عاقل .
والخلاصة :
أن من حقك على زوجك : أن يوفر لك مسكنا مستقلا ، وليس له أن يجبرك على سكنى أمه معك
، خاصة إذا كان لها مسكن آخر ، أو كان لها في بلدها من يعتني بها .
لكننا ننصحك ألا تخسري زوجك وبيتك لأجل هذه المشكلة ، بل تعاملي مع الأمر بحكمة ،
وإذا لم يكن أمامك خيار آخر ، فتقبلي ذلك الوضع مؤقتا ، إلى أن ييسر الله لك فرجا
ومخرجا .
نسأل الله أن يصلح لك شأنك ،
ويصلح لك زوجك ، ويجمع بينهكما في خير .