ما حكم قراءة الجنب الكلمة أو الكلمتين من القرآن ؟
لسؤال:
ما حكم قول كلمة أو كلمتين من آيات القرآن عند الجنابة للضرورة ، مثل التصحيح لابنتي وهي تقرأ القرآن ؟
ملخص الجواب:
والحاصل :
أنه لا حرج على الجنب من قراءة الكلمة والكلمتين وما دون الآية من القرآن ، ما لم
تكن الآية طويلة .
والله أعلم .
الجواب
الحمد لله.
القول المعتمد الذي عليه عامة العلماء سلفاً وخلفاً : هو تحريم قراءة القرآن على
الجنب ، كما سبق بيان ذلك في الجواب السابق رقم : (218917).
وذهب ابن عباس إلى: جواز قراءة الجنب للآية أو الآيتين أو الورْد .
أما بخصوص سؤالك عن نطق كلمة أو كلمتين من القرآن حال الجنابة لغرض ما ، كتصحيح
القراءة لمن يقرأ ونحو ذلك : فالذي يظهر - والعلم عند الله تعالى - أنه لا حرج فيه
, فقد رخص بعض أهل العلم - ممن منعوا قراءة القرآن للجنب - : فيما دون الآية .
قال الإمام الترمذي رحمه الله عن القول بمنع الجنب من قراءة القرآن : " وَهُوَ
قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعِينَ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ: سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ ، وَابْنِ المُبَارَكِ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ ، وَإِسْحَاقَ
، قَالُوا : لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ وَلَا الجُنُبُ مِنَ القُرْآنِ شَيْئًا، إِلَّا
طَرَفَ الآيَةِ ، وَالحَرْفَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ " انتهى من "جامع الترمذي" (1/236)
.
وقال إبراهيم النخعي : "لا يقرأ الجنب ولا الحائض القرآن إلا الآية ونحوها ".
رواه الدارمي (975) وذكره البخاري تعليقا .
وجاء في " فتح القدير " (1/306) : " مَا دُونَ الْآيَةِ لَا يُعَدُّ بِهَا قَارِئًا
، قَالَ تَعَالَى : ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ) ، كَمَا قَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ ) ؛
فَكَمَا لَا يُعَدُّ قَارِئًا بِمَا دُونَ الْآيَةِ ، حَتَّى لَا تَصِحَّ بِهَا
الصَّلَاةُ ؛ كَذَا لَا يُعَدُّ بِهَا قَارِئًا ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ
وَالْحَائِضِ .." انتهى .
وهو أيضا مذهب الحنابلة ، قال المرداوي : " وَفِي بَعْضِ آيَةٍ رِوَايَتَانِ :
إحْدَاهُمَا: الْجَوَازُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ...
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَيَجُوزُ بَعْضُ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَوْ
كَرَّرَ ، مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ .
قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ : وَلَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ
تَبَرُّكًا.
قُلْت: الْأَوْلَى الْجَوَازُ، إنْ لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً ، كَآيَةِ الدَّيْنِ.
وَالثَّانِيَةُ : لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ". انتهى من
"الإنصاف" (1/243).
قال ابن قدامة : " وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قِرَاءَةُ آيَةٍ ، فَأَمَّا بَعْضُ آيَةٍ
؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقُرْآنُ عَنْ غَيْرِهِ
كَالتَّسْمِيَةِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسَائِرِ الذِّكْرِ ، فَإِنْ لَمْ
يُقْصَدْ بِهِ الْقُرْآنُ ، فَلَا بَأْسَ ؛ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ لَهُمْ
ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَحْتَاجُونَ إلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ
اغْتِسَالِهِمْ ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ التَّحَرُّزُ مِنْ هَذَا ، وَإِنْ قَصَدُوا
بِهِ الْقِرَاءَةَ أَوْ كَانَ مَا قَرَءُوهُ شَيْئًا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقُرْآنُ
عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَلَامِ ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ : إحْدَاهُمَا ، لَا يَجُوزُ
، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْجُنُبِ
يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ فَقَالَ : لَا ، وَلَا حَرْفًا ، وَهَذَا مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ لِعُمُومِ الْخَبَرِ فِي النَّهْيِ ؛ وَلِأَنَّهُ قُرْآنٌ ، فَمُنِعَ
مِنْ قِرَاءَتِهِ ، كَالْآيَةِ ، وَالثَّانِيَةُ : لَا يُمْنَعُ مِنْهُ ، وَهُوَ
قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ ، وَلَا
يُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ ، وَيَجُوزُ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقُرْآنُ ،
وَكَذَلِكَ إذَا قُصِدَ "انتهى من "المغني" (1/200).
وقال البهوتي : " ولَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا
إعْجَازَ فِيهِ ، مَا لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً ، وَلَوْ كَرَّرَهُ أَيْ : الْبَعْضَ ،
مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ، كَقِرَاءَةِ آيَةٍ
فَأَكْثَرَ" .
انتهى من " كشاف القناع" (1/ 147) .
قال الشيخ ابن عثيمين : " قوله: ( قراءة القرآن) المراد أن يقرأ آية فصاعداً ، سواء
كان ذلك من المصْحَفِ ، أم عن ظَهْرِ قَلْبٍ ، لكن إِن كانت الآية طويلة فإِنَّ
بعضها كالآية الكاملة".
انتهى من "الشرح الممتع" (1/346) .