الحمد لله.
فبان بذلك : أن الروايات مرة جاءت بلفظ (لأن أذكر الله) ومرة بلفظ (لَأَنْ
أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى) ، وهذه الرواية ـ وهي رواية
القعود مع الذاكرين ـ "لإفادة أن بركة مجالس الذكر تحصل لمن شارك فيها ، وجالس
أهلها ، حتى لو كانوا هم يذكرون الله ، أو يتلون القرآن ، وهو يسمع منهم ، ويغشى
مجالسهم ؛ فهم القوم لا يشقى جليسهم .
ينظر : "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3 / 327).
والمقصود بالذكر ما " يعم الدعاء، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم ، ويلحق به ما في معناه، كدرس العلوم الشرعية" .
انتهى من مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3 / 327).
ولا يظهر أنه يشترط لتحصيل هذا الأجر البقاء في نفس البقعة التي كان فيها أثناء
الصلاة ، في المسجد ، أو البيت ، من غير حركة , بل يحصل له ذلك ، إن شاء الله ، ما
دام في نفس المسجد ، أو المكان الذي صلى فيه ، وإن انتقل إلى بقعة أخرى ، أو تحرك
هنا وهناك .
ولا يظهر ـ أيضا ـ أنه يشترط ترك التحدث مع الناس جملة , بل الحديث العارض ، ونحوه
مما يحتاج إليه : لا بأس به ، إن شاء الله .
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم (109794).
ولكن ينبغي على من أراد تحصيل هذا الأجر العظيم : أن يصبر نفسه على ذكر الله
تعالى ، وتسبيحه ودعائه وتلاوة كتابه العزيز, وألا ينشغل بالحديث مع الناس في
الأمور الدنيوية التي يستدرج الشيطان الناس إليها ليصرفهم عن ذكر الله تعالى
وعبادته .
والله أعلم.